---
قوله: ﴿كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا﴾ قد تقدَّم أنه يجوزُ أن يكونَ خبراً عن "الذين" إنْ قيل: إنه مبتدأ، وإنْ لم يكن مبتدأ فقد تقدَّم أيضاً أنه يكون بياناً للدأب وتفسيراً له كأنه قيل: ما فَعَلوا وما فُعِل بهم؟ فقيل: كَذَّبوا بآياتنا، فهو جوابُ سؤالٍ مقدر، وأن يكونَ حالاً. وفي قوله "بآياتنا" التفاتٌ؛ لأنَّ قبله "من الله" وهو اسمٌ ظاهر. والباءُ في "بذنوبهم" يجوز أن تكونَ للسببيةِ أي: أَخَذَهم بسبب ما اجترموا، وأن تكونَ للحال أي: أخذهم ملتبسين بالذنوبِ غيرَ تائبين منها.
[والذَّنْبُ في الأصل: التِلْوُ والتابعُ، وسُمِّيَتِ الجريمة ذنباً] لأنها يتلو ـ أي يتبع ـ عقابُها فاعلَها؛ والذَّنُوب: الدَّلْو لأنها تتلو الحبلَ في الجَذْب، وأصلُ ذلك من ذَنَبِ الحيوان لأنه يَذْنُبُه أي يَتْلو يقال: ذَنَبه يَذْنُبُه ذَنْباً أي: تَبِعه.
قوله: ﴿شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ كقوله: ﴿سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ أي: شديدٌ عقابُ، ـ وقد تقدَّم تحقيقه. وقد اشتملت هذه الآيات من اولِ السورةِ إلى ههنا أنواعاً من علمِ المعاني والبيان والبديع لا تَخْفى على متأمِّلها.
* ﴿ قُلْ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾
(٣/٢٥٨)
---


الصفحة التالية
Icon