أي: أحدُهما شامتٌ وآخرٌ مُثْنٍ، أي: وصنفٌ آخرُ مُثْنٍ، ومثلُه في القطع أيضاً قولُ الآخر:
١١٨٩ـ حتى إذا ما استقلَّ النجمُ في غَلَسٍ * وغُودر البقلُ مَلْوِيٌّ ومَحْصودُ
أي: بعضُه مَلْوِيٌّ وبعضُه مَحْصود. وقال أبو البقاء: "فإنْ قلت: فإذا قَدَّرْتَ في الأولى "إحداهما" مبتدأً كان القياسُ أن يكون والأخرى، أي: والفئةُ الأخرى كافرةٌ. قيل: لَمَّا عُلِم أنَّ التفريقَ هنا لنفس الشيءِ المقدَّمِ ذكرُه كان التعريفُ والتنكير واحداً. قلت: ومثلُ الآية الكريمة في هذا السؤال وجوابه البيتُ المقتدم: "شامتٌ وآخرُ مُثْنٍ" فجاء به نكرةً دون "أل".
الثالث: أن يرتفعَ على الابتداءِ وخبرُه مضمرٌ تقديرُه: منهما فئة تقاتل، وكذا في البيت اي: منهم شامتٌ ومنهم مُثْنٍ، ومثلُه قولُ النابغة:
١١٩٠ـ تَوَهَّمْتُ آياتٍ لها فَعَرَفْتُها * لستةِ أعوامٍ وذا العامُ سابعُ
رمادٌ ككحل العينِ لأْياً أُبينُه * ونُؤْيٌ كجِذْمِ الحَوْضِ أثلمُ خاشع
تقديره: منهنَّ أي: ومن الآيات رمادٌ، ومنهن نؤيٌ، ويَحْتَمل البيتُ أن يكونَ كما تقدم من تقديره مبتدأً، و"رمادٌ" خبرُه كما تقدَّم في نظيره.
وقرِأ الحسن ومجاهد وحميد: "فئةٍ تقاتل" بالجر على البدل من "فئتين"، ويسمَّى هذا البدلُ بدلاً تفصيلاً كقولِ كثِّير عزة:
١١٩١ـ وكنتُ كذي رجلين رجلٍ صحيحةٍ * ورجلٍ رَمَى فيها الزمانُ فَشَلَّتِ
وهو بدلُ بعضٍ من كل، وإذا كان كذلك فلا بُدَّ من ضميرٍ يعودُ على المبدل منه تقديره: فئةٍ منهما.
(٣/٢٦٢)
---


الصفحة التالية
Icon