٢١٣- فلم أَرَ بيْتاً كان أكثرَ بهجةً * مِنَ اللذْ به من آلِ عَزَّةَ عامرُ أو مكسوراً، كقوله:
٢١٤- واللذِ لو شاء لكانَتْ بَرّاً * أو جبلاً أَصَمَّ مُشَمْخِراً
ومثلُ هذه اللغات في "التي" أيضاً، قال بعضُهم: "وقوُلُهم هذه لغاتٌ ليس جيداً لأنَّ هذه لم تَرِدْ إلا ضرورةً، فلا ينبغي أن تُسَمَّى لغات".
واستوقَدَ استفْعَلَ بمعنى أفْعَلَ، نحو: استجاب بمعنى أَجاب، وهو رأي الأخفش، وعليه قولُ الشاعر:
٢١٥- وداعٍ دعا يا مَنْ يُجيبُ إلى الندى * فلم يَسْتَجِبْهُ عندَ ذاكَ مُجيبُ
أي: فلم يُجِبْه، وقيل: بل السينُ للطلب، ورُجِّحَ قولُ الأخفش بأنَّ كونَه للطلب يستدعي حَذفَ جملةٍ، ألا ترى أنَّ المعنى استدعَوْا ناراً فَأَوْقدوها، فلمَّا أضاءَتْ لأنّ الإضاءةَ لا تَتَسَبَّبُ عن الطلبِ، إنما تُسَبَّبُ عن الإيقاد.
والفاء في "فلمَّا" للسبب. وقرأ ابن السَّمَيْفَع: "كمثل الذين" بلفظِ الجمع، "استوقد" بالإفراد، وهي مُشْكِلةٌ، وقد خرَّجوها على أوجهٍ أضعفَ منها وهي التوهُّمُ، أي: كانه نطق بمَنْ، إذا أعاد ضميرَ المفرد على الجمع كقولهم: "ضربني وضربتُ قومَك" أي ضربني مَنْ، أو يعودُ على اسمِ فاعلٍ مفهومٍ من اسْتَوْقَد، والعائدُ على الموصولِ محذوفٌ، وإن لم يَكْمُلْ شرطُ الحذفِ، والتقدير: استوقدها مستوقدٌ لهم، وهذه القراءة تُقوِّي قولَ مَنْ يقولُ: إن أصلَ الذي: الذين، فَحُذِفَتِ النونُ.
و "لَمَّا" حرفُ وجوب لوجوب هذا مذهبُ سيبويه. وزعم الفارسي وتبعه أبو البقاء أنها ظرفٌ بمعنى حين، وأنَّ العاملَ فيها جوابُها، وقد رُدَّ عليه بأنها أُجيبت بـ "ما" النافية وإذا الفجائية، قال تعالى: ﴿فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً﴾ وقال تعالى: ﴿فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ﴾ وما النافيةُ وإذا الفجائية لا يَعْمَلُ ما بعدهما فيما قبلهما فانتفى أَنْ تكونَ ظرفاً.
(١/١١٥)
---


الصفحة التالية
Icon