وتكون "لَمَّا" أيضاً جازمةً لفعلٍ واحد، ومعناها نفيُ الماضي المتصلِ بزمنِ الحال، ويجوزُ حَذْفُ مجزومها، قال الشاعر:
٢١٦- فجِئْتُ قبورَهم بَدْءاً ولَمَّا * فنادَيْتُ القبورَ فلم يُجِبْنَهْ
وتكونُ بمعنى إلا، قال تعالى: ﴿وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ في قراءة مَنْ قرأه.
و "أضاء" يكونُ لازماً ومتعديً، فإن كان متعدياً فـ "ما" مفعولٌ به، وهي موصولة، و "حولَه" ظرفُ مكانٍ ومخفوضٌ به، صلةٌ لها، ولا يَتَصَرَّفُ، وبمعناه: حَوال، قال الشاعر:
٢١٧- وأنا أَمْشِي الدَّأَلَى حَوَالَكا *...........................
ويُثَنَّيان، قال عليه السلام: "اللهم حوالَيْنا"، ويُجْمَعان على أَحْوال.
ويجوز أن تكونَ "ما" نكرةً موصوفةً، و "حولَه" صفتُها، وإن كان لازماً فالفاعلُ ضميرُ النار أيضاً، و "ما" زائدةٌ، و "حوله" فاعلةً موصولةً أو نكرةً موصوفةً، وأُنِّثَ/ الفِعلُ على المعنى، والتقدير: فلمَّا أضاءَتِ الجهةُ التي حولَه أو جهةٌ حولَه. وأجاز أبو البقا فيها أيضاً أن تكونَ منصوبةً على الظرف، وهي حينئذٍ إمَّا بمعنى الذي أو نكرة موصوفة، التقدير: فلمَّا أضاءت النارُ المكانَ الذي حوله أو مكاناً حوله، فإنه قال: "يُقال: ضاءَتِ النارُ وأَضاءَتْ بمعنىً، فعلَى هذا تكون "ما" ظرفاً وفي "ما" ثلاثةُ أوجهٍ أحدُها: أن تكونَ بمعنى الذي. والثاني: هي نكرة موصوفةٌ أي: مكاناً حوله، والثالث: هي زائدةٌ" انتهى.
وفي عبارتِه بعضُ مناقشةٍ، فإنه بَعْدَ حُكْمِه على "ما" بأنَّها ظرفيةٌ كيف يجوزُ فيها والحالةُ هذه أن تكونَ زائدةً، وإنما أراد: في "ما" هذه من حيث الجملةُ ثلاثةُ أوجهٍ: وقولُ الشاعر:
٢١٨- أضاءَت لهم أحسابُهم ووجُوهُهم * دُجَى الليلِ حتى نَظَّم الجَزْعَ ثاقِبُهْ
يَحْتمل التعدِّي واللزوم كالآية الكريمة. وقرأ ابن السَّمَيْفَع: ضاءَتْ ثلاثياً.
(١/١١٦)
---


الصفحة التالية
Icon