وقدَّر بعضُهم مضافاً فراراً من ذلك فقال: "تقديره: وربِّ الأرحام: قال أبو البقاء: وهذا قد أَغْنى عنه ما قبله" يعني الحلف بالله تعالى. ولقائل [أن يقول:] "إنَّ الله تعالى أن يُقْسِم بما يشاء كما أقسم بمخلوقاتِه كالشمس والنجم والليل، وإن كنا نحن مَنْهيين عن ذلك"، إلا أنَّ المقصودَ منحيث المعنى ليس على القسمِ، فالأَوْلى حَمْلُ هذه القراءةِ على العطفِ على الضمير، ولا التفاتَ إلى طَعْنِ مَنْ طَعَن فيها، وحمزةُ بالرتبة السَّنِيَّة المانعمةِ له مِنْ نقلِ قراءة ضعيفة.
وقرأ عبدالله أيضاً: "والأرحامُ" رفعاً وهو على الابتداء، والخبر محذوفٌ فقدَّره ابن عطية: "أهلٌ أَنْ توصل"، وقَدَّره الزمخشري: و"الأرحامُ مِمَّا يتقى، أو: مما يُتَساءل به"، وهذا أحسنُ للدلالة اللفظية والمعنوية، بخلاف الأول، فإنه للدلالة المعنوية فقط، وقَدَّره أبو البقاء: والأرحامُ محترمة" أي: واجبٌ حرمتُها.
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ جارٍ مجرىٍ التعليل. والرقيب: فَعيل للمبالغة من رَقَبَ يَرْقُب رَقْوباً ورِقْباناً إذا أحَدًّ النظرَ لأمر يريد تحقيقَه، واستعمالُه في صافت الله تعالى بمعنى الحفيظ، قال:
١٥٢٥ـ كمقاعِد الرُّقباءِ للضُّرَبَاءِ أيديهم نواهِدْ
والرقيب أيضاً: ضرب من الحَيَّات. والرقيب: السهم الثالث من سهام الميسر وقد تقدمت في البقرة. والارتقاب: الانتظار.
* ﴿وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُوااْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً ﴾
(٤/٣١٦)
---