قوله تعالى: ﴿بِالطَّيِّبِ﴾: هو المفعول الثاني لـ"تتبدَّلوا"، وقد تقدم في البقرة قوله تعالى: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ﴾ أن المجرور بالباء هو المتروكُ والمنصوبَ هو الحاصل. وتفعَّل هنا بمعنى استفعل وهو كثير، نحو: تَعَجَّل وتأخر بمعنى استعجل واستأخر. ومن مجيء تبدّل بمعنى استبدل قول ذي الرمة:
١٥٢٦ـ فيا كرَمَ السَّكْنِ الذين تَحَمَّلوا * عن الدارِ والمُسْتَخْلِفِ المُتَبَدِّلِ
ِأي: المستبدل.
قوله: ﴿إِلَى أَمْوَالِكُمْ﴾ فيه ثلاثة أوجه، أحدها: أن "إلى" بمعنى "مع" كقوله: ﴿إِلَى الْمَرَافِقِ﴾، وهذا رأي الكوفيين. والثاني: أنها على بابها، وهي ومجرورها متعلقة بمحذوف على أنها حال، أي: مضمومةً أو مضافةً إلى أموالكم. والثالث: أن يضمَّن "تأكلوا" معنى "تَضُمُّوا" كأنه قيل: ولا تضمُّوها إلى أموالكم آكلين. قال الزمخشري: فإن قلت: قد حَرَّم عليهم أكل امال اليتامى وحده ومع أموالهم، فلِمَ وَرَدَ النهيُّ عن أكلها معها. قلت: لأنهم إذا كانوا مستغنين عن أموال اليتماى بما رَزَقهم الله من الحلال، وهم مع ذلك يَطْمعون فيها كان القبحُ أبلغَ والذمُّ ألحقَ، ولأنهم كانوا يفعلون كذلك، فنعى عليهم فِعْلَهم، وشنَّع بهم ليكون أزجر لهم".
قوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ حُوباً﴾ في الهاءِ ثلاثة أوجه، أحدها: أنها تعودُ على الأكلِ المفهوم من "لا تأكلوا". والثاني: على التبدُّل المفهومِ من "لا تَتَبدَّلوا". والثالث: عليهما، ذهاباً به مذهبَ اسمِ الإِشارة نحو: ﴿عَوَانٌ بَيْنَ ذالِكَ﴾، ومنه:
١٥٢٧ـ كأنَّه في الجِلْدِ تَوْليعُ البَهقْ
وقد تقدم ذلك في البقرة، والأولُ أَوْلى، لأنه أقربُ مذكور.
(٤/٣١٧)
---