وقرأ الجمهور: "حُوباً" بضم الحاء. والحسن بفتحها، وبضعهم: "حاباً" بالألف، وهي لغات في المصدر، والفتح لغة تميم. ونظير الحَوْب والحاب: القول والقال، والطُّرد والطَّرْد ـ وهو الإِثم ـ وقيل: المضمومُ اسم مصدر. والمفتوحُ مصدر، وأصلُه مِنْ حَوْب الإِبل وهو زَجْرها، فَسُمِّي به الإِثم، لأنه يُزْجَر به، ويُطلق على الذنب أيضاً، لأنه يزجر عنه، ومنه قوله عليه السلام: "إن طلاقَ أمِّ أيوب لَحَوْب" أي: لذنب عظيم، يقال: حابَ يَحُوب حَوْباً وحُوباً وحاباً وحَوُوباً وحِيابة". قال المخبَّل السعدي:
١٥٢٨ـ فلا يَدْخُلَنَّ الدهرَ قبرك حُوبٌ * فإنَّك تلقاهُ عليك حَسِيبُ
وقال الآخر:
١٥٢٩ـ وإنَّ مهاجِرَيْنِ تَكَنَّفاه * غدائئذٍ لقد خَطِئا وحابا
والحَوْبة: الحاجة، ومنه في الدعاء: ""إليه أرفع حَوْبتي" وأوقع الله به الحَوْبة، وتحوَّب فلان: إذا خَرَجَ من الحَوْب، كتحرَّج وتأثَّم، فالتضعيف فيه للسَلْب.
* ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النِّسَآءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذالِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ ﴾
قوله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ﴾: شرطٌ، وفي جوابه وجهان، أحدهما: أنه قوله: ﴿فَانكِحُواْ﴾، وذلك أنهم كانوا يتزجون الثمانَ والعشر ولا يقومون بحقوقهن، فلمَّا نزلت: ﴿وَلاَ تَأْكُلُوااْ أَمْوَالَهُمْ﴾ اخذا يتحرَّجون من ولاية اليتامى، فقيل لهم: إنْ خفتم من الجَوْز في حقوق اليتامى فخافوا أيضاً من الجَوْز في حقوق النساء فانكِحوا هذا العدد، لأنَّ الكثرة تُفْضي إلى الجوز ولا تنفع التوبةُ من ذنبٍ مع ارتكاب امثله.
(٤/٣١٨)
---


الصفحة التالية
Icon