والثاني: أنَّ الجوابَ قولُه: "فواحَدةً" والمعنى: أن الرجل منهم كان يتزوج اليتيمة التي في ولايته، فلمَّا نزلت الآية المتضمنة للوعيد على أكل مال اليتيم تحرَّجوا من ذلك، فقيل لهم: إنْ خفتم من نكاح النساء اليتامى فانحكوا ما طابَ من الأجنبيات، أي: اللاتي لسن تحت ولا يتكم، فعلى هذا يَحْتاج إلى تقدير/ مضاف، أي: في نكاح يتامى النساء. فإن قيل: فواحدةً" جواب لقوله: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ﴾ فكيف يكون جواباً للأول؟ أُجيب عن ذلك بأنه أعادَ الشرط الثاني، لأنه كالأول في المعنى، لمَّا طال الفصلُ بين الأولِ وجوابِه، وفيه نظرٌ لا يَخْفى. على متأمله.
والخوف هنا على بابه، فالمراد به الحَذَر، وقال ابو عبيدة: إنه بمعنى اليقين، وأنشد:
١٥٣٠ـ فقلتُ لهم خافوا بألفَي مُدَجَّجٍ * سَراتُهُم في الفارسي المُسَرَّدِ
أي: أيقنِوا، وقد تقدَّم تحقيق ذلك والردُّ عليه، وأنَّ في المسألة ثلاثة أقوالٍ عند قوله تعالى: ﴿إِلاَّ أَن يَخَافَآ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ
. قوله: ﴿أَلاَّ تُقْسِطُواْ﴾ إنْ قَدَّرْتَ أنها على حذفِ حرف جر أي: "مِنْ أن لا" ففيها الخلافُ المشهورُ: أهي في محل نصب أو جر، وإنْ لم تقدِّر ذلك بل وَصَل الفعل إليها بنفسه، كأنك قلت: "فإن حذرتم" فهي في محلِّ نصب فقط، كما تقدَّم في البقرة.
(٤/٣١٩)
---


الصفحة التالية
Icon