والرابع: نقله الأخفش وعن بعضهم أنه تكرارُ العدل، وذلك أنه عُدل عن لفظ اثنين اثنين، وعن معناه لأنه قد لا يستعمل في موضع تُستعمل فيه الأعدادُ غيرُ المعدولةِ تقول: جاءني اثنان وثلاثة، ولا تقول: "جاءني مَثْنى وثلاث" حتى يتقدَّم قبله جمعٌ، لأن هذا الباب جُعِل بياناً لترتيبِ الفعلِ. فإذا قلت: "جاء القوم مَثْنَى" أفادَ أنَّ مجيئَهم وقع من اثنينِ اثنين، بخلافِ غيرِ المعدولة، فإنها تفيدُ الإِخبار عن مقدار المعدودِ دونَ غيرِه، فقد بانَ بما ذكرنا اختلافُهما في المعنى، فلذلك جاز أن تقومَ العلةُ مَقام علتين لإِيجابها حكمين مختلفين. انتهى. ولهذه المذاهبِ أدلةٌ واعتراضاتٌ وأجبوةٌ ليس هذا موضعَها.
وقال الزمخشري: "إنما مُنِعت الصرفَ لما فيها من العدل: عدِلها عن صيغتِها، وعدلِها عن تكررها، وهن نكراتٌ يُعَرَّفْنَ بلام التعريف، يقال: "فلان ينكح المَثْنى والثُلاث". قال الشيخ: "وما ذهب إليه من امتناعها لذلك لا أعلم أحداً قاله، بل المذاهب فيه أربعة"، وذكرها كما تقدم، وقد يقال: إن هذاهو المذهب الرابع، وعَبَّر عن العدل في المعنى بعدلِها عن تكررها. وناقشه الشيخ أيضاً في مثاله بقوله: "ينكح المثنى" من وجهين، أحدهما: دخول "أل: عليها، قال: "وهذا لم يَذْهب إليه أحد، بل لم تستعمل في لسان العرب إلا نكراتٍ". الثاني: أنه أولاها العوامل، ولا تلي العوامل، بل يتقدمها شيء يلي العواملَ، ولا تقع إلا أخباراً كقوله عليه السلام: "صلاةٌ الليلِ مَثْنى مثنى"، أو أحوالاً كهذه الآية الكريمة، أو صفاتٍ نحو قوله تعالى: ﴿أُوْلِيا أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ﴾، وقوله:
١٥٣١ـ....................... * ذئابٌ تَبَغَّى الناسَ مَثْنَى ومَوْحَدُ
وقد وقعت إضافتُها قليلاً كقوله:
١٥٣٢ـ...................... * بمَثْنى الزُّقاقِ المُتْرَعات وبالجُزُرْ
وقد استدلَّ بعضُهم على إيلائها العواملَ على قلة بقوله:
(٤/٣٢٣)
---