قوله ﴿غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ﴾ قرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وعاصم "غير" بالرفع، والباقون بالنصب، والأعمش بالجر. والرفع من وجهين، أظهرهما: أنه على البدل من "القعدون" وإنما كان هذا أظهرَ لأن الكلام نفي، والبدلُ مع أرجحُ لِما قُرِّر في عمل النحو. والثاني: أنه رفع على الصفة لـ "القاعدون"، ولا بد من تأوليل ذلك لأن "غير" لا تتعَرَّفُ بالإضافة، ولا يجوز اختلافُ النعت والمنعوت تعريفاً وتنكيراً، وتأويله: إمَّا بأن القاعدين لَمَّا لم يكونوا ناساً بأعيانهم بل أُريد بهم الجنسُ أَشْبَهوا النكرة فَوُصِفوا كما توصف، وإمَّا بأن "غير" قد تتعر‍َّف إذا وقعت بين ضدَّين، وهذا كله كما تقدم في إعراب ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم﴾ في أحد الأوجه، وهذا كلُّه خروج عن الأصول المقررة فلذلك اخترت الأول، ومثله:
١٦٤١- وإذا اُقْرِضْتَ قَرْضاً فاجْزِهِ * إنما يَجْزي الفتى غيرُ الجَمَلْ
برفع "غير" كذا ذكره أبو علي، والراوية "ليس الجمل" عند غيره. والنصبُ على أحد ثلاثة أوجه، الأول: النصبُ على الاستثناء من "القاعدون" وهو الأظهرُ لأنه المحدَّثُ عنه. والثاني: من "المؤمنين" ولي بواضحِ، والثالث: على الحال من القاعدون" والجر‍ُّ على الصفة للمؤمنين، وتأويلُه كما تقدم في وجه الرفع على الصفة.
وقوله: ﴿فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ﴾ كِلا الجارَّيْن متعلقٌ بـ"المجاهدون" و"المجاهدون" عطف على "القاعدون" قوله: ﴿دَرَجَةً﴾ فيها أربعة أوجه، أحدها: أنها منصوبة على المصدر لوقوع "درجة" موقعَ المَرَّة من التفضيل كأنه قيل: فَضَّلهم تفضيلةً نحو: "ضربته سوطاً" الثاني: أنها حال من "المجاهدين" أي: ذوي درجة. الثالث: أنها منصوبة انتصابَ الظرف أي: في درجة ومنزلة. الرابع: انتصابها على إسقاط الخافض أي: بدرجة.
(٥/٩٨)
---


الصفحة التالية
Icon