قوله: ﴿وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ "كلاً" مفعول أول لـ "وعد" مقدماً عليه، و"الحسنى" مفعول ثان. وقرئ: "وكلُّ" على الرفع بالابتداء، والجملة بعده خبره، والعائد محذوف أي: وعده، وهذه كقراءة ابن عامر في سورة الحديد ﴿وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ قوله "أجراً" في نصب أربعة أوجه، أحدهما: النصب على المصدر من معنى الفعل الذي قبله لا من لفظه؛ لأن معنى "فَضَّل الله" آجرَ. الثاني: النصب على إسسقاطِ الخافض أي: فضَّلهم بأجر. الثالث: النصب على أنه مفعولٌ ثانٍ؛ لأنه ضَمَّن "فضَّل" أعطى، أي: أعطاهم أجراً تَفَضُّلاً منه. الرابع: أنه حال من "درجات" قال الزمخشري: "وانتصب "أجراً" على الحال من النكرة التي هي "درجات" مقدَّمةً عليها" وهو غير ظاهر؛ لأنه لو تَأَخَّر عن "درجات" لم يجز أن يكون نعتاً لـ "درجات" لعدم المطابقة، لأنَّ "درجات" جمع، و"أجر" مفرد. كذا ردَّه بعضهم، وهي غفلة، فإنَّ "أجراً" والأفصحُ فيه أن يُوَحَّدّ ويُذَكَّر مطلقاً.
* ﴿ دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾
قوله تعالى: ﴿دَرَجَاتٍ﴾: فيه ستة أوجه: الأربعة المذكورة في "درجة"، والخامس: أنه بدلٌ من "أجراً" السادس:- ذكره ابن عطية - أنه منصوبٌ بإضمار فعل على أن يكون تأكيداً للأجر كما تقول:"لك عليَّ ألفُ درهمٍ عُرْفاً" كأنك قلت: أعرفها عُرْفاً، وفهي نظر. و"مغفرة ورحمة" عطف على درجات، ويجوز فيهما النصب بفعلهما أي: وغفر لهم مغفرةً ورحمهم رحمةً.
* ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلاائِكَةُ ظَالِمِيا أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوااْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَائِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَآءَتْ مَصِيراً ﴾
(٥/٩٩)
---


الصفحة التالية
Icon