قوله: ﴿فَتُهَاجِرُواْ﴾ منصوبٌ في جوابِ الاستفهام، وقد تقدَّم تحقيق ذلك. وقال أبو البقاء: "ألم تكن" استفهام بمعنى التوبيخ، "فتهاجروا" منصوبٌ على جواب الاستفهام، لأنَّ النفيَ صار إثباتاً بالاستفهام" انتهى قولُه: "لأنَّ النفي" إلى آخره لا يَظْهر تعليلاً لقوله"منصوبٌ على جواب الاستفهام" لأن ذلك لا يَصِحُّ، وكذا لا يَصِحُّ جَعْلُه علةً لقوله "بمعنى التوبيخ". و"ساءت": قد تقدم القول في ﴿وَسَآءَ﴾ وأنها تجري مَجْرى "بِئْس" فيُشْترط في فاعلها ما يُشترط في فاعل تيك. و"مصيراً" تمييز.
* ﴿ إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَآءِ وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً ﴾
قوله تعالى: ﴿إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ﴾: في هذا الاستثناءِ قولان، أحدهما: أنه متصلٌ، والمستثنى منه قولُه: ﴿فَأُوْلَائِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ﴾. والضميرُ يعودُ على المتوفَّيْن ظالمي أنفسِهم، قال هذا القائل: كأنه قيل: فأولئك في جهنم إلا المستضعفين، فعلى هذا يكون استثناء متصلاً. والثاني - وهو الصحيح - أنه منقطعٌ؛ لأن الضمير في "مَأواهم" عائد على قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ﴾ وهؤلاء المتوفَّوْن: إمَّا كفارٌ أو عصاة بالتخلف، على ما قال المفسرون، وهم قادرون على الهجرة فلم يندرجْ فيهم المستضعفون فكان منقطعاً. و"من الرجال" حالٌ من المستضعفين، أو من الضمير المستتر فيهم، فيتعلَّقُ بمحذوف.
قوله: ﴿لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً﴾ في هذه الجملة أربعة أوجه، أحدها: أنها مستأنفةٌ جوابٌ لسؤالٍ مقدر، كأنه قيل: ما وجهُ استضعافِهم؟ فقيل: كذا.
(٥/١٠١)
---


الصفحة التالية
Icon