قوله: ﴿لَيَمَسَّنَّ﴾ جوابُ قسمٍ محذوفٍ، وجوابُ الشرطِ محذوفٌ لدلالةِ هذا عليه، والتقديرُ: واللَّهِ إنْ لم ينتهوا ليمسَّنَّ، وجاء هذا على القاعدةِ التي قَرَّرْتُها: وهو أنه إذا اجتمعَ شرطٌ وقسمٌ أُجيب سابقُهما ما لم يسبقْهما ذو خبر، وقد يجابُ الشرطُ مطلقاً، وقد تقدَّم أيضاً أن فعلَ الشرطِ حينئذ لا يكون إلا ماضياً لفظاً، أو معنًى لا لفظاً كهذه الآية، فإنْ قيل: السابقُ هنا الشرطُ، اذ القسمُ مقدرٌ فيكون تقديرُه متأخراً فالجوابُ أنه لو قُصِد تأخُّرُ القسمِ في التقدير لأُجيبَ الشرط، فلمَّا أُجيب القسمُ عُلِم أنه مقدَّرُ التقديمِ، وعَبَّر بعضُهم عن هذا فقال: "لام التوطئِة للقسمِ قد تُحْذَفُ ويُراعى حكمُها كهذه الآية، إذ التقدير: "ولئن لم" كما صَرَّح بهذا في غير موضع كقوله: ﴿لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ﴾ ونظير هذه الآية قوله: ﴿وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ﴾ ﴿وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ﴾ وتقدَّم أنَّ هذا النوع من جواب القسم يَجِبُ أن يُتَلَقَّى باللامِ وإحدى النونين عند البصريين، إلاَّ ما قَدَّمْت لك استثناءَه" قال الزمخشري: "فإنْ قتلـ فهلاَّ قيل: لَيَمسُّهُم عذاب. قلت في إقامة الظاهرُ مقامَ المضمرِ فائدةٌ، وهي تكريرُ الشهادة عليهم بالكفر".
(٥/٤١٨)
---