فشاذٌّ لا يُلتفَتُ إليه. وأمَّا قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ﴾ فلك يَقْصِدْ جَعْلَ الظرفِ ثابتاً فلذلك ذكرَ المتعلِّقَ به. ثم ذلك المحذوفُ يجوز تقديرُه باسم أو فعل إلا في الصلة فإنه يتعيَّن أَنْ يكونَ اسماً. واختلفوا: أيُّ التقديرين أولى فيما عدا الصورَ المستثناةَ؟ فقوم رجَّحوا تقديرَ الاسمِ، وقومٌ رجَّحوا تقديرَ الفعلِ، وقد تقدَّم دليلُ الفريقين.
وقرئ شاذاً بنصب الدال من "الحمد"، وفيه وجهان: أظهرهُما أنه منصوب على المصدرية، ثم حُذِف العاملُ، وناب المصدرُ مَنَابَه، كقولهم في الإخبار: "حمداً وشكراً لا كُفْراً"، والتقدير: أَحْمَدُ الله حَمْداً فهو مصدرٌ نابَ عن جملة خبرية. وقال الطبري: إن في ضمنه أمرَ عبادِه أن يُثْنوا به عليه، فكأنه قال: قولوا الحمدَ لله، وعلى هذا يجيء "قولوا إياك" فعلى هذه العبارة يكون من المصادر النائبة عن الطلب لا الخبر، وهو محتملٌ للوجهين، ولكنَّ كونَه خبرياً أَوْلَى من كونه طلبياً؛ ولا يجوز إظهارُ هذا الناصبِ لِئلاّ يُجْمَع بين البدلِ والمُبْدلِ منه. والثاني: أَنه منصوبٌ على المفعول به أي اقرؤوا الحمدَ، أو اتلوا الحمدَ، كقولهم: "اللهم ضَبُعاً وذئْباً"، أي اجمَعْ ضبُعاً، والأولُ أحسن للدلالةِ اللفظيةِ.
وقراءةُ الرفع أَمْكَنُ وأَبْلَغُ من قراءة النصب، لأنَّ الرفع في بابِ المصادر التي أصلُها النيابةُ عن أفعالها يَدُلُّ على الثبوتِ والاستقرارِ بخلافِ النصب فإنه يَدُلُّ على الثبوتِ والاستقرارِ بخلافِ النصب فإنه يَدُلُّ على التجدُّدِ والحدوثِ، ولذلك قال العلماء: إن جوابَ خليل النصب فإنه يَدُلُّ على التجدُّدِ والحدوثِ، ولذلك قال العلماء: إن جوابَ خليل الرحمن عليه السلام في قوله تعالى حكايةً عنه: ﴿قَالَ سَلاَمٌ﴾ أحسنُ مِنْ قول الملائكة "قالوا سلاماً"، امتثالاً لقوله تعالى: {فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ
(١/٢٢)
---


الصفحة التالية
Icon