}. و "لله" على قراءة النصب يتعلَّق بمحذوفٍ لا بالمصدرِ لأنها للبيان تقديره: أَعْنِي لله، كقولهم: سُقْياً له ورَعْياً لك، تقديرهُ: أعني له ولك، أعني ولك، ويدلُّ على أن اللام تتعلق في هذا النوع بمحذوفٍ لا بنفسِ المصدرِ أنهم لم يُعْمِلوا المصدرِ المتعدي في المجرورِ باللام فينصبوه فيقولوا: /سُقياً زيداً ولا رَعْياً عمراً، فدلَّ على أنه ليس معمولاً للمصدرِ، ولذلكَ غَلِظَ مَنْ جعلَ قولَه تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعْساً لَّهُمْ﴾ من باب الاشتغالِ لأنَّ "لهم" لم يتعلَّق بِتَعْساً مَرَّ. ويحتمل أن يقال: إنَّ اللام في "سُقياً لك" ونحوِه مقويةٌ لتعدية العاملِ لكونِه فَرْعاً فيكونُ عاملاً فيما بعدَه.
وقُرئ أيضاً بكسرِ الدال، ووجهُه أنها حركةُ إتباعٍ لكسرةِ لامِ الجر بعدها، وهي لغة تميم وبعض غطفان، يُتْبِعُون الأول للثاني للتجانس، ومنه: "اضربِ الساقَيْنُ أُمُّك هابِلُ"، بضم نون التثنية لأجل ضمِّ الهمزة. ومثله:
٣٨- وَيْلمِّها في هواءِ الجَوِّ طالبةً * ولا كهذا الذي في الأرض مطلوبٌ
الأصل: ويلٌ لأُمها، فَحَذَفَ اللامَ الأولى، واستثقل ضمَّ الهمزةِ بعد الكسرة، فَنَقَلها إلى اللام بعد سَلْب حركتها، وحَذَفَ الهمزةَ، ثم أَتْبع اللامَ الميمَ، فصار اللفظ: وَيْلِمِّها، ومنهم مَنْ لا يُتبع، فيقول: وَيْلُمِّها بضم اللام، قال:
٣٩- وَيْلُمِّها خُلَّةً قد سِيْطَ مِنْ دمِها * فَجْعٌ وَوَلْعٌ [وإخلافٌ وتَبِدِيلُ]
ويُحتمل أن تكونَ هذه القراءة من رفعٍ وأن تكونَ مِنْ نصبٍ، لأنَّ الإعرابَ مقدرٌ مَنَعَ من ظهورِه حركةُ الإتباعِ.
(١/٢٣)
---


الصفحة التالية
Icon