وقُرئ أيضاً: "لُلَّهِ" بضمِّ لامِ الجرِّ، قالوا: وهي إتباعٌ لحركة الدالِ، وفضَّلها الزمخشري على قراءة كسر الدال معتلاً لذلك بأنَّ إتباع حركة البناء لحركة الإعراب أحسنُ من العكس وهي لغةُ بعضِ قيس، يُتْعون الثاني للأول نحو: مُنْحَدُرٌ ومُقُبلِين، بضمِّ الدالِ والقافِ لأجلِ الميم، وعليه قُرئ: "مُرْدِفين" بضمِّ الراءِ إتباعاً للميمِ، فهذه أربعُ قراءاتٍ في "الحمدُ لله" وقد تقدَّم توجيهُ كلٍّ منها.
ومعنى لام الجر هنا الاستحقاقُ، أي الحمدُ مستحقٌ لله، ولها معانٍ أخَرُ، نذكرها الآن، وهي الملك والاستحقاق [نحو:] المالُ لزيد، الجُلُّ للفرس، والتمليك نحو: وَهَبْتُ لك وشبهِه، نحو: ﴿جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً﴾ والنسب نحو: لزيد عَمُّ" والتعليلُ نحو: ﴿لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ﴾ والتبليغ نحو: قلتُ لك، والتعجبُ في القسم خاصة، كقوله:
٤٠- للهِ يَبْقى على الأيام ذو حِيَدٍ * بمُسْمَخِرٍّ به الظَّيَّانُ والآسُ
والتبيين نحو: قوله تعالى: ﴿هَيْتَ لَكَ﴾ والصيرورةُ نحو قوله تعالى: ﴿لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً﴾ والظرفية: إمَّا بمعنى في، كقوله تعالى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ أو بمعنى عِنْد، كقولهم: "كتبتُه لخمسٍ" أي عند خمس، أو بمعنى بَعْدَ، كقوله تعالى: ﴿أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾ أي: بعد دلوكها، والانتهاء، كقوله تعالى: ﴿كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ﴾ والاستعلاء نحو قوله تعالى: ﴿وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ﴾ أي على الأذقان، وقد تُزاد باطِّراد في معمول الفعل مقدَّماً عليه كقوله تعالى: ﴿إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ﴾ أو كان العاملُ فَرْعاً، نحوُ قولِه تعالى: ﴿فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ﴾ وبغيرِ اطًِّراد نحو قوله:
٤١- ولمَّا أَنْ توافَقْنا قليلاً * أنَخْنا للكلاكِل فارتَمَيْنا
(١/٢٤)
---


الصفحة التالية
Icon