سورة الكوثر
* ﴿ إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴾
(١٤/٤٠٨)
قوله: ﴿أَعْطَيْنَاكَ﴾: قرأ الحسن وبانُ محيصن وطلحة والزعفراني ﴿اَنْطَيْناك﴾ قال الرازيُّ والتبريزيُ: "أبدلَ من العين نوناً، فإنْ عَنَيا البدلَ الصناعيَّ فليس بمُسَلَّمٍ؛ لأنَّ كلاً من المادتَيْنِ مستقلةٌ بنفٍها بدليل كمال تَصْريفهما، وإنْ عَنياً بالبدلِ أنَّ هذه وقعَتْ مقوعَ هذه لغةً فقريبٌ، ولا شك أنها لغةٌ ثابتةٌ. قال التبريزي: "هي لغةُ العربِ العاربةِ مِنْ أُوْلي قُرَيْشٍ" وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلَّم: "اليدُ العليا المُنْطِيَةُ، واليدُ السُّفْلى المُنْطاة" وقال الشاعر - هو الأعشى-:
٤٦٥٨- جِيادُك خيرُ جيادِ الملُوك * تُصان الجِلالَ وتُنْطِي الشَّعيرا
والكَوْثر: فَوْعَل من الكَثْرَةِ، وصفُ مبالغةٍ في المُفْرِطِ الكثرةِ. قال الشاعر:
٤٦٥٩- وأنت كثيرُ با بنَ مروانَ طَيِّبٌ *وكان ابوكَ ابنَ أبوكَ بانَ العقائلِ كَوْثَرا
وسُئِلَتْ أعرابيَّةٌ عن ابنها: بمَ آبَ ابْنُكِ؟ فقالت: "آب بكَوْثَرٍ" أي: بخيرٍ كثيرٍ.
* ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾
قوله: ﴿وَانْحَرْ﴾: أمرٌ من النَّحْر وهو الإبلِ بمنزلة الذَّبْح في البقر والغنم. وقيل: اجعَلْ يديك عند نَحْرِك أو تحت نَحْرِك في الصلاة والشانِئُ: المُبْغِضُ. يُقال: شَنَأه يَشْنَؤُه، أيك أَبْغَضَه. وقد تقدّضم في المائدة.
* ﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ ﴾
قوله: ﴿هُوَ الأَبْتَرُ﴾: يجوزُ أَنْ يكونَ "هو" مبتدأ، و"الأبترُ" خبرُه والجملةُ خبرُ "إنَّ"، وأَنْ يكون فصلاً وقال أبو البقاء: "أو توكيدٌ" وهو غَلَطٌ منه لأنَّ المُظْهَرَ لا يُؤَكِّدُ بالمضمر. والأبترُ: الذي لا عَقِبَ له، وهو في الأصلِ الشيءُ المقطوع، مِنْ بَتَرَه، أي: قطعه. وحمارٌ ابترُ: لا ذَنَبَ له. ورجلٌ أُباتِرٌ بضم الهمزة قاطعُ رَحِمِه قال:
٤٦٦٠- لَئيمٌ نَزظَتْ في آَنْفِه خُنْزُوانَةٌ * على قَطْعِ ذي القربى أَحَدُّ أُباتِرُ
وبَتِر هو بالكسر: انقطعَ ذَنْبُه.
(١٤/٤٠٩)
---