سورة عبس
* ﴿ أَن جَآءَهُ الأَعْمَى ﴾
قوله: ﴿أَن جَآءَهُ﴾: فيه وجهان، أحدُهما: أنه مفعولٌ من أجلِه، وناصبُه: إمَّا "تَوَلَّى" وهو قولُ البَصْريين، وإمَّا "عَبَسَ" وهو قولُ الكوفيين. والمختارُ مذهبُ البَصْريين لعَدَمِ الإِضمارِ في الثاني، وقد عَرَفْتَ تحقيقَ هذا فيما تقدَّم مِنْ مسائلِ التنازع. والتقدير: لأَنْ جاءَه الأعمى فَعَلَ هذَيْنِ الفِعلَيْنِ. والخلافُ في موضع "أَنْ" بعد حَذْفِ الجارِّ مشهورٌ. وقيل: "أَنْ" بمعنى "إذ" نقله مكي.
وقرأ زيدُ بنُ عليّ "عَبَّس" بالتشديد. والعامَّةُ على "أنْ" بهمزةٍ واحدةٍ. وزيد بن علي وعيسى وأبو عمران الجوني بهمزتَيْن. وقال الزمخشري: "وقُرِىء آأنْ بهمزتين وبألفٍ بينهما، وُقِفَ على "عَبَس وتولَّى" ثم ابْتُدِىء على معنى: ألأَنْ جاءَه الأعمى فَعَل ذلك".
* ﴿ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ﴾
قوله: ﴿لَعَلَّهُ يَزَّكَّى﴾: الظاهرُ أجراءُ الترجِّي مُجرى الاستفهام لِما بينهما من معنى الطلبِ في التعليق؛ لأنَّ المعنى منصَبٌّ على تَسَلُّطِ الدِّراية على الترجِّي؛ إذ التقدير: لا يَدْري ما هو مترجَّى منه التزكيةُ أو التذكُّرُ. وقيل: الوقفُ على "يَدْري" والابتداءُ بما بعده على معنى: وما يُطْلِعُك على أمرهِ وعاقبةِ حالِه، ثم ابتدأ فقال: ﴿لَعَلَّهُ يَزَّكَّى﴾.
* ﴿ أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى ﴾
(١٤/٢٦٩)
---