سورة العلق
* ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾
قوله: ﴿اقْرَأْ﴾: العامَّةُ على سكونِ الهمزةِ أمراً مِنْ القراءةِ. وقرأ عاصم في رواية الأعشى براءٍ مفتوحةٍ، وكأنه قَلَبَ الهمزةَ ألفاً كقولهم: قرا يَقْرا نحو: سعَى يَسْعى، فلمَّا أَمَر منه حَذَفَ الألفَ على حَدِّ حَذْفِها مِنْ اسْعَ، وهذا كقولهِ زهير:
٤٦٠٣-................. * وإلاَّ يُبْدَ بالظُّلْمِ يُظْلَمِ
وقد تقدَّمَ تحريرُه.
قوله: ﴿بِاسْمِ رَبِّكَ﴾: يجوزُ فيه أوجهٌ، أحدُها: أَنْ تكونَ الباءُ للحال، أي: اقرأ مُفْتِتحاً باسمِ ربِّك، قل باسم الله، ثم اقرَأْ، قاله الزمخشري. الثاني: انَّ الباءَ مزيدةٌ والتقدير: اقرأ اسمَ ربِّك، كقوله:
٤٦٠٤-.................. *سُوْدُ المَحاجِرِ لا يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ
(١٤/٣٧٠)
وقيل: الاسمُ صلةٌ، أي: اذكُرْ ربَّكن قالهما ابو عبيدة، الثالث: أنَّ الباءَ للاستعانة والمفعولُ محذوفٌ تقديرُه: اقرَأْ ما يُوْحى إليك مُسْتعيناً باسمِ ربِّك. الرابع: أنها بمعنى "على"، أي: اقرأْ على اسمِ ربِّك كما في قوله: ﴿وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ﴾ قاله الأخفش، وقد تَقَدَّم أولَ هذا الموضوع: كيف قَدَّمَ هذا الفعلَ على الجارِّ وقُدِّرَ متأخراً في بسم الله الرحمن الرحيم وتخريجُ الناسِ له، فأغنى عن إعادَتِه.
قوله: ﴿الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنسَانَ﴾ يجوزُ أَنْ يكونَ "خَلَقَ" الثاني تفسيراً لـ "خَلَقَ" الأول عين انه أَبْهمه أولاً، ثم فَسَّره ثانياً بخَلْق الإنسانِ تفخيماً لخلقِ الإنسانِ. ويجوزُ أَنْ يكونَ حَذَفَ المفعولَ مِنْ الأولِ، تقديرُه: خَلَقَ كلَّ شيءٍ لأنَّه مُطْلَقٌ يتناوَلُ كلَّ مخلوق.
* ﴿ خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴾
وقوله: ﴿خَلَقَ الإِنسَانَ﴾: تخصيصٌ له بالذِّكْرِ مِنْ بَيْنِ ما يتناوَلُه الخَلْقُ؛ لأنَّ التنزيلَ إليه. ويجوزُ اَنْ يكونَ تأكيداً لفظياً، فيكونُ قد أكَّد الصلةَ وحدَها، كقولك: "الذي قام قام زيدٌ" المرادُ بالإنسان الجنسُ ولذلك قال: ﴿مِنْ عَلَقٍ﴾ جمعَ عَلَقة؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ مخلوقٌ مِنْ عَلَقَةٍ كما في الآية الآخرى.
* ﴿ الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾
* ﴿عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾
وقوله: ﴿الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾: قريبٌ مِنْ قولِه: "خَلَق، خلَق الإنسانَ" فلكَ أَنْ تُعيد فيه ما تقدَّم.
* ﴿ أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى ﴾
(١٤/٣٧١)
---