سورة الليل
* ﴿ وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنثَى ﴾
(١٤/٣٥٥)
قوله: ﴿وَمَا خَلَقَ﴾: يجوزُ في "ما" أَنْ تكونَ بمعنى "مَنْ" وهو رأيُ جماعةٍ تقدَّم ذِكْرُهمْ في السورةِ قبلَها. وقيل: هي مصدريةٌ. وقال الزمشخري: "والقادرُ: العظيمُ القدرةِ الذي قَدَرَ على خَلْقِ الذكَرِ والأنثى من ماءٍ واحدٍ" قلت: قد تقدَّم تقريرُ قولِه هذا وما اعْتُرِضَ به عليه، وما أُجيب عنه، في السورة قبلها. وقرأ أبو الدرداء ﴿والذَّكر والأنثى﴾ وقرأ عبد الله ﴿والذي خَلَق﴾ والكسائي - ونَقَلها ثعلبٌ عن بعض السَّلَف - ﴿وما خَلَقَ الذَّكَرِ﴾ بجرِّ "الذكَرَِ" قال الزمخشري: "على أنه بدلٌ من محلِّ "ما خَلَقَ" بمعنى "وما خَلَقَه" أي: ومخلوقِ اللَّهِ الذكَرِ، وجاز إضمارٌ "الله" لأنه معلومٌ بانفرادِه بالخَلْق" وقال الشيخ: "وقد يُخْرَّجُ على تَوَهُّم المصدرِ، أي: وخَلْقِ الذَّكِر، كقوله:
٤٥٨٣- تَطُوفُ العُفاةُ بأبوابِه * كما طاف بالتبَيْغَةِ الراهبِ
بجرِّ "الراهب" على توهُّمِ النطقِ بالمصدر، أي: كطَواف الراهبِ" انتهى. والذي يَظْهَرُ في تخريج البيت أنَّ اصله "الراهبيّ" بياءِ النسَبِ، نسبةً إلى الصفةِ، ثم خُفِّف، وهو قليلٌ كقولِهم: أَحْمري ودَوَّاري، وهذا التخريجُ بعينه في قولِ امرئ القيس:
٤٥٨٤-................ * فَقِلْ في مَقِيل نَحْسُه مُتَغَيِّبِ
استشهد به الكوفيون على تقديم الفاعلِ. وقرأ العامة ﴿تَجَلَّى﴾ فعلاً ماضياً، وفاعلُه ضميرٌ عائدٌ على النهار. وعبد الله بن عبيد بن عمير ﴿تَتَجَلَّى﴾ بتاءَيْن، أي: الشمس. وقُرئ ﴿تُجْلي﴾ بضمِّ التاءِ وسكونِ الجيم، أي: السمُ ايضاً، ولا بُدَّ من عائدٍ على النهارِ محذوفٍ، أي: تتجلَّى أو تُجْلِي فيه.
* ﴿ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾
قوله: ﴿إِنَّ سَعْيَكُمْ﴾: هذا جوابُ القسمِ. ويجوزُ أَنْ يكونَ محذوفاً، كما قيلَ في نظائِره المتقدمةِ.
* ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ﴾
(١٤/٣٥٦)
---