قوله: ﴿أَعْطَى﴾: حَذَفَ مفعولَيْ "أعطى" ومفعولَ "اتَّقى" ومفعولَ "صَدَّقَ" المجرور بـ "على"؛ لأنَّ الغرضَ ذِكْرُ هذه الأحداثِ دونَ متعلَّقاتها، وكذلك مُتَعَلَّقا البخل والاستغناءِ. وقوله: ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾ إمَّا من بابِ المقابلةِ لقوله: ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾ وإمَّا لأنَّ نيسِّره بمعنى نُهَيِّئُه، والتهيئةُ تكونُ في اليُسْر والعُسْر.
* ﴿ وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى ﴾
قوله: ﴿وَمَا يُغْنِي﴾: يجوز أَنْ تكونَ "ما" نفياً، وأَنْ تكونَ استفهاماً إنكارياً.
قوله: ﴿تَرَدَّى﴾ إمَّا من الهلاكِ، أو مِنْ تَرَدَّى بأكفانِه، وهو كنايةٌ عن الموت كقوله:
٤٥٨٥- وخُطَّا بأَطْرافِ الأسِنَّةِ مَضْجَعي * ورُدَّا على عَيْنَيَّ فَضْلَ رِدائيا
وقول الآخر:
٤٥٨٦- نَصيبُك مِمَّا تَجْمَعُ الدهرَ كلَّه * رِداءان تُلْوى فيها وحَنُوطُ
* ﴿ فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى ﴾
قوله: ﴿نَاراً تَلَظَّى﴾: قد تقدَّم في البقرة أن البزيَّ يُشَدِّ مثلَ التاء، والتشديدُ فيها عسٍِرٌ لالتقاءِ الساكنين فيها على غير حَدِّها، وهو نظيرُ قوله: ﴿إِذْ تَلَقَّوْنَهُ﴾ وقد تقدَّم. وقال أبو البقاء: يُقرأ بكسر التنوين وتشديد التاءِ، وقد ذُكِرَ وَجْهُه عند ﴿وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ﴾ انتهى. وهذه قراءةٌ غريبةٌ، ولكنها موافقةٌ للقياس من حيث إنه لم يلتقِ فيها ساكنان. وقوله: "وقد ذُكر وجهُه الذي قاله في البقرة لا يُفيد هنا شيئاً البتة، فإنه قال هناك: "ويُقْرأُ بتشديدِ التاءِ، وقبلَه ألفٌ، وهو جْمعٌ بين ساكنَيْن، وإنما سَنَّوغَ ذلك المدُّ الذي في الألفِ".
وقرأ ابن الزُّبير وسفيان وزيد بن علي وطلحة "تَتَلظَّى" بتاءَيْن وهو الأصلُ.
* ﴿ لاَ يَصْلاَهَآ إِلاَّ الأَشْقَى ﴾
(١٤/٣٥٧)
---