سورة الضحى
* ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ﴾
(١٤/٣٥٩)
---
قوله: ﴿سَجَى﴾: قيل: معناه سَكَن، ومنه: سجا البحر يَسْجُو سَجْواً، أي: سَكَنَتْ أمواجُه، وطَرْفٌ ساجٍ، أي: فاتر، ومنه اسْتُعِير تَسْجِيَةُ الميتِ، أي: تَغْطِيَتُه بالثوبِ، قاله الراغب وقال الأعشى:
٤٥٨٩- وما ذَنْبُنا إنْ جاش بَحْرُ ابنِ عَمِّكُمْ * وبَحْرُكَ ساجٍ لا يُوارِي الدَّعامِصا
وقيل: سجا، أي: أَدْبرَ وقيل بعكسه. وقال الفراء: "أظلم" وقال ابن الأعرابي: "اشتدَّ ظلامُه" وقال الشاعر:
٤٥٩٠- يا حَبَّذا القَمْراءُ والليلُ السَّاجْ *وطُرُقٌ مِثْلُ مُلاءِ النِّسَّاجْ
وهو من ذواتِ الواوِ، وإنما أُميل لموافقةِ رؤوسِ الآيِ، كالضُّحى فإنه من ذواتِ الواوِ ايضاً.
* ﴿ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ﴾
قوله: ﴿مَا وَدَّعَكَ﴾: هذا هو الجوابُ. والعامَّةُ على تشديد الدال من التَوْديع. [وقرأ] عروة بن الزبير وابنه هشام وأبو حيوة وابن أبي عبلة بتخففيفها مِنْ قولِهم: وَدَعَه، أي: تركه والمشهروُ في اللغةِ الاستغناءُ عن وَدَعَ واسم فاعلهما واسمِ مفولِهما ومصدرِهما بـ "تَرَكَ" وما تصرَّفَ منه، وقد جاء وَدَعَ ووَذَرَ. قال الشاعر:
٤٥٩١- سَلْ أميري ما الذي غَيَّرَهْ * عن وِصالي اليومَ حتى وَدَعَهْ
وقال الشاعر:
٤٥٩٢- وثُمَّ وَدَعْنا آلَ عمروٍ وعامرٍ * فرائِسَ أَطْرافِ المُثَقَّقَةِ السُّمْرِ
قيل: والتوديعُ مبالغةٌ في الوَدْع؛ لأن مَنْ وَدَّعَك مفارقاً فقد بالغ في تَرْكِك.
قوله: ﴿وَمَا قَلَى﴾ أي: ما أَبْغَضَك، قلاه يَقْليه بكسر العين في المضارع، وطيِّيء تقول: قلاه يقلاه بالفتح قال الشاعر:
٤٥٩٣- أيا مَنْ لَسْتُ أَنْساه * ولا واللَّهِ أَقْلاه
*لكَ اللَّهُ على ذاكَ * لكَ اللَّهُ [لكَ اللَّهُ]
وحُذِفَ مفعولُ "قَلَى" مراعاةً للفواصلِ مع العِلْم به وكذا بعدَ "فآوى" وما بعدَه.
* ﴿ وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأُولَى ﴾
(١٤/٣٦٠)
---