قوله: ﴿وَلَلآخِرَةُ﴾: الظاهرُ في هذه اللامِ أنَّها جوابُ القسم، وكذلك في "ولَسَوْفَ" أَقْسم تعالى على أربعةِ أشياءَ: اثنان منفيَّان وهما توديعُه وقِلاه، واثنان مُثْبتان مؤكَّدان، وهما كونُ الآخرةِ خيراُ له من الدنيا، وأنه سوف يُعْطيه ما يُرضيه. وقال الزمشخري: "فإنْ قلتَ: ما هذه اللامُ الداخلةُ على "سَوْف"؟ قلت: هي لامُ الابتداءِ المؤكِّدةُ لمضمون الجملة، والمبتدأ محذوفٌ تقديرُه: ولأنت سَوْفَ يُعْطيك، كما ذَكَرْنا في ﴿لاَ أُقْسِمُ﴾ أن المعنى: لأَنا أُقْسِمُ. وذلك أنها لا تَخْلو: مِنْ أَنْ تكونَ لامَ قسمٍ أو ابتداء. فلامُ القسم لا تدخلُ على المضارع إلاَّ مع نونِ التوكيد، فبقي أن تكونَ لامَ ابتداءِ، ولامُ الابتداء لا تخل إلاَّ على الجملة من المبتدأ والخبرِ فلا بُدَّ من تقدير [مبتدأ] وخبره، وأصله: ولأنت سوف يعطيك" ونقل الزمخشري عنه أنه قال: "وخُلِع من اللامِ دلالتُها على الحال" انتهى وهذا الذي رَدَّده الزمخشري يُختار منه أنها لامُ القسم.
قوله: "لا تَدْخلُ على المضارع إلاَّ مع نونِ التوكيد" هذا استثنى النحاة منه صورتَيْنِ، أحداهما: أَنْ لا يُفْصَلَ بينما وبين الفعل حرفُ تنفيس كهذه الآية، كقولك: واللَّهِ لَسَأُعْطيك. والثانية: أن لا يُفْصَلَ بينهما بعمولِ الفعل كقولِه تعالى: ﴿لإِلَى الله تُحْشَرُونَ﴾ ويَدُلُّ لِما قُلْتُه ما قال الفارسيُّ: "ليسَتْ هذه اللامُ هي التي في قولك: "إنَّ زيداً لَقائمٌ، بل هي التي في قولك: "لأَقومَنَّ" ونابَتْ "سوفَ" عن إحدى نونَيْ التوكيدِ، فكأنه قال: ولَيُعْطِيَنَّك.
وقوله: "خُلأِع منها دلالتُها على الحال" يعني أنَّ لامَ الابتداء الداخلةَ على المضارع تُخَلِّصُه للحال، وها لا يُمْكِنُ ذلك لأجل حَرْفِ التنفيس، فلذلكز خُلِعَتْ الحاليةُ منها.
(١٤/٣٦١)
---


الصفحة التالية
Icon