وقال الشيخ: "واللامُ في "ولَلآخرةُ" لامُ ابتداء وَكَّدَتْ مضمونَ الجملةِ" ثم حكى بعضَ ما ذكَرْتُه عن الزمخشري وأبي علي ثم قال: "ويجوز عندي أَنْ تكونَ اللامُ في "وللآخرةُ خيرٌ" وفي "ولَسَوْفَ يُعْطيك" واللامَ التي يُتَلَقَّى بها القسمُ، عَطَفَها على جوابِ القسم، وهو قوله: ﴿مَا وَدَّعَكَ﴾ فيكون قد أقسم على هذه الثلاثة" انتهى. فاظاهرُه أنَّ اللامُ في "ولَلآخرةُ" لامُ ابتداء غيرُ مُتَلَقَّى بها لاقسمُ، بدليلِ قول ثانياً: "ويجوز عندي" ولا يظهرُ انقطاعُ هذه الجملة عن جواب القمس البتةَ، وكذلك في ﴿ولَسَوْفَ﴾ وتقديرُ الزمخشري مبتدأً بعدها لا يُنافي كونَها جواباً للقسم، وإنما مَنَع أن تكونَ جواباً داخلةً على المضارع لفظاً وتقديراً.
* ﴿ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى ﴾
قوله: ﴿فَآوَى﴾: العامَّة على "آوى" بألفٍ بعد الهمزة رباعياً، مِنْ آواه يُؤْوِيْهِ. وأبو الأشهب "فأوَى" ثلاثياً. قال الزمخشري: "وهو على معنيين: إمَّا مِنْ "أواه" بمعنى آواه. سُمع بعضُ الرعاة يقول: "أين أوى هذه"، وإمَّا مِنْ أَوَى له إذا رحمه" انتهى. وعلى الثاني قولُه:
٤٥٩٤- أراني - ولا كفرانَ الله - أيَّةُ * لنفسي لقد طالَبْتْ غير مُنيلِ
أي: رحمةً لنفسي. ووجهُ الدلالةِ مِنْ قوله: "يقول: أين آوى هذه"؟ أنه لو كان من الرباعي لقال: "أُؤْوي" بضم الهمزةِ الأولى وسكونِ الثانية؛ لأنه مضارعُ "آوى" مثل أَكْرَمَ، وهذه الهمزةُ المضمومةُ هي حرفُ المضارعة، والثانيةُ هي فاءُ الكلمةِ، وأمَّا همزةُ أَفْعَل فمحذوفةٌ على القاعدةِ، ولم تُبْدَلْ هذه الهمزةُ كما أُبْدِلَتْ في "أُوْمِنُ أنا" لئلا تثقلَ بالإدغام، ولذلك نصَّ القراءُ على أنَّ "تُؤْويه" من قوله "وفَصِيلته التي تُؤْويه" لا يجوزُ إبْدالُها للثِّقَلِ.
* ﴿ وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فَأَغْنَى ﴾
قوله: ﴿عَآئِلاً﴾: أي: فقيراً. وهذه قراءةُ العامَّةِ. يقال: عال زيدٌ أي: افتقر. قال جرير: