سورة نوح
(١٤/١٠٠)
* ﴿ إِنَّآ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾
قوله: ﴿أَنْ أَنذِرْ﴾: يجوزُ أَنْ تكونَ المفسِّرَةَ، وأَنْ تكونَ المصدريةَ أي: أَرْسَلْناه بالإِنذار. وقال الزمخشري: "والمعنى: أَرْسَلْناه بأَنْ قُلْنا له: أَنْذِرْ أي: أَرْسَلْناه بالأمرِ بالإِنذار" انتهى. وهذا الذي قَدَّره حسنٌ جداً، وهو جوابٌ عن سؤالٍ قدَّمْتُه في هذا الموضوع: وهو أنَّ قولَهم: "إنَّ "أَنْ" المصدريةَ يجوزُ أَنْ تتوصَّلَ بالأمر" مُشْكِلٌ؛ لأنه يَنْسَبِكُ منها وممَّا بعدَها مصدرٌ، وحينئذٍ فتفوتُ الدلالةُ على الأمرِ. ألا ترى أنك إذا قَدَّرْت [في] كَتَبْتُ إليه بأَنْ قُمْ: كَتَبْتُ إليه القيامَ، تفوتُ الدلالةُ على الأمرِ حالَ التصريحِ بالأمر، فينبغي أَنْ يُقَدَّرَ - كما قاله الزمخشريُّ - أي: كتبتُ إليه بأَنْ قلتُ له: قُمْ، أي: كتبتُ إليه بالأمرِ بالقيام.
* ﴿ أَنِ اعبُدُواْ اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ ﴾
قوله: ﴿أَنِ اعبُدُواْ﴾: إمَّا أَنْ تكونَ تفسيريةً لـ"نذير"، أو مصدريةً، والكلامُ فيها كما تقدَّم في أختها
* ﴿ يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَآءَ لاَ يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾
قوله: ﴿مِّن ذُنُوبِكُمْ﴾: في "مِنْ" هذه أوجهٌ، أحدُها: أنَّها تبعيضيةٌ. والثاني: أنها لابتداءِ الغايةِ. والثالث: أنها لبيان الجنسِ وهو مردودٌ لعَدَمِ تَقَدُّمِ ما تبيِّنُه. الرابع: أنها مزيدةٌ. قال ابن عطية: "وهو مذهبٌ كوفيٌّ" قلت: ليس مذهبُهم ذلك؛ لأنهم يَشْتَرطون تنكيرَ مَجْرورِها ولا يَشْترطون غيرَه. والأخفشُ لا يَشْترط شيئاً، فزيادتُها هنا ماشٍ على قولِه، لا على قولِهم.
(١٤/١٠١)
---


الصفحة التالية
Icon