سورة الشمس
* ﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ﴾
(١٤/٣٤٤)
قوله: ﴿وَضُحَاهَا﴾: قد تقدَّم في "طه" الكلامُ على هذه المادةِ وقال المبرد: "إن الضُّحى والضَّحْوةَ مشتقان من الضَّحِّ وهو النورُ، فأُبْدلت الألفُ والواوُ من الحاءِ" هذا يكادُ يكونُ اختلافاً على مثلِ أبي العباس لجلالتِه.
* ﴿ وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا﴾
* ﴿وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا ﴾
قوله: ﴿جَلاَّهَا﴾: الفاعلُ ضميرُ النهارِ، وقيل: عائدٌ على الله تعالى. والضميرُ المنصوبُ: إمَّا للشمسِ، وإمَّا للظُّلمةِ، وإمَّا للدنيا، وإمَّا للأرضِ.
قوله: ﴿إِذَا تَلاَهَا﴾ وما بعدَه فيه إشكالٌ؛ لأنه إنْ جُعِل شرطاً اقتضى جواباً، ولا جوابَ لفظاً، وتقديرُه غيرُ صالحٍ، وإنْ جُعْلِ ظرفاً مَحْضاً استدعى عاملاً، وليس هنا عاملٌ إلاَّ فعلُ القسم، وإعمالُه مُشْكِلٌ؛ لأنَّ فعلَ القسمِ حالٌ لأنه إنشاءٌ، و"إذا" ظرفٌ مستقبلٌ، والحال لا يعملُ في المستقبل. وسيأتي جوابُ هذا وتحقيقُه عند ذِكْري سَبْرَه وتقسيمَه قريباً إن شاء الله تعالى.
ويَخُصُّ "إذا" الثانيةَ وما بعدها إشكالٌ آخرُ ذكره الزمخشري فيه غموضٌ فتنبَّهْ له قال: "فإن قلتَ: الأمرُ في نصبِ "إذا" مُعْضِلٌ؛ لأنك لا تخلو: إمَّا أَنْ تجعلَ الواواتِ عاطفةً فتنصِبَ بها وتَجُرَّ فتقعَ في العطفِ على عاملَيْن، وفي نحو قولك: "مررتُ أمسِ بزيدٍ واليومَ عمروٍ" وإمَّا أَنْ تجعلَهُنَّ للقسم فتقع فيما اتَّفق الخليلُ وسيبويه على اتسكراهِه. قلت: الجوابُ فيه أن واوَ القسم مُطَّرَحٌ معها إبرازُ الفعلِ أطِّراحاً كلياً، فكان لها شأنٌ خلافَ شأنِ الباء حيث أُبْرِزَ معَها الفعلُ وأُضْمِرَ، فكانت الواوُ قائمةً مَقامَ الفعلِ، والباءُ سادَّةٌ مَسَدَّهما معاً، والواواتُ العواطفُ نوائبُ عن هذه الواوِ فحققن أَنْ يَكُنَّ عواملَ عملَ الفعلِ والجارِّ جميعاً كما تقول: "ضربَ زيدٌ عمراً وبكرٌ خالداً" فترفعُ بالواو وتنصِبُ، لقيامِها مَقامَ "ضرب" الذي هو عامِلُهما" انتهى.
(١٤/٣٤٥)
---


الصفحة التالية
Icon