* ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾
قوله: ﴿الْفَلَقِ﴾: هو الصُّبْحُ. وهو فَعَل بمعنى مَفْعُول كالقَبَضِ، اي: مَفْلوق. وفي الحديث: "الرُّؤْيا مِثْلُ فَلَقِ الصُّبح" قال الشاعر:
٤٦٨٢- يا ليلةً لم أَنَمْها بِتُّ مُرْتَقِباً * أَرْعى النجومَ إلى أنْ نَوَّرَ الفَلَقُ
وقال ذو الرمة:
٤٦٨٣- حتى إذا ما انْجلَى عن وَجْهِه فَلَقٌ *هادِيْهِ في أُخْرَيات الليلِ مُنْتَصِبُ
وقيل: هو جُبُّ في جهنَّمَ. وقي: المطمئِنُّ من الأرض. وجمعُه فُلْقان. وقيل: كلُّ ما فُلِقَ كالحَبِّ والأرضِ عن النبات.
* ﴿ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ ﴾
قوله: ﴿مِن شَرِّ مَا خَلَقَ﴾: متعلقٌ بـ "أعوذُ" والعامَّةُ على إضافة "شَرِّ" إلى "ما" وقرأ عمرو بن فائدة بتنوينه. وقال ابنُ عطية: "عمروُ بن عبيد وبعضُ المعتزلة الذي يَرَوْن أنَّ اللَّهَ لم يَخْلُقِ الشرَّ: "مِنْ شَرٍ" بالتنوين "ما خلقَ" على النفي، وهي قراءةٌ مردودةٌ مبنيَّةٌ على مهذبٍ باطلٍ" انتهى ولا يتعيَّن أَنْ تكونَ "ما" نافيةً، بل يجوزُ أن تكونَ موصولةً بدلاً مِنْ "شر" على حذفِ مضافٍ، أي: من شَرٍ شَرِّ ما خَلَقَ. عَمَّم أولاً [ثم خَصَّص ثانياً] وقال ابو البقاء: "وما على هذا بدلٌ مِنْ "شرّ" أو زائدةٌ. ولا يجوزُ أَنْ تكونَ نافيةٌ؛ لأنَّ النافية لا يتقدَّمُ عليها ما في حَيِّزها. فلذلك لم يَجُزْ أَنْ يكونَ التقدير: ما خَلَقَ مِنْ شر، ثم هو فاسٍدُ المعنى" قلت: وهو رَدٌّ حسنٌ صناعيٌّ. ولا يقال: إنَّ "مِنْ شرّ" متعلقٌ بـ "أعوذُ" وحُذِفَ معفولُ "خَلَق" لأنه خلافُ الأصلِ. وقد أَنْحى مكيُّ على هذا القائلِ، ورَدَّه بما تقدَّم أقبحَ رَدّ [و "ما" مصدريةٌ، أو بمعنى الذي].
(١٥/١٦)
---