سورة الأنعام
* ﴿ الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثْمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴾
(٦/١١٥)
قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ﴾: "جعل" هنا تتعدى لمفعول واحد لأنها بمعنى خلق، هكذا عبارة النحويين، ظاهرها أنهما مترادفان. إلا أن الزمخشري فرَّق بينهما فقال: "الفرق بين الخَلْق والجَعْل أنَّ الخَلْق فيه معنى التقدير و[في] الجعل معنى التصيير كإنشاء شيء من شيء، أو تصييرِ شيءٍ شيئاً، أو نقلِه من كان إلى مكان، ومن ذلك: ﴿وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ لأنَّ الظلمات من الأجرام المتكاثفة والنور من النار" انتهى. وقال الطبري: "جَعَل" هنا هي التي تتصرف في طَرَف الكلام كما تقول: جعلت أفعل كذا، فكأنه: "وجعل إظلامَها وإنارتَها" وهذا لا يشبه كلام أهل اللسان ولكونها عند أبي القاسم ليست بمعنى "خلق" فسَّرها هنا بمعنى أحدث وأنشأ. وكذا الراغب جعلها بمعنى أوجد.
(٦/١١٦)
---