سورة الرعد
(٩/٨٥)
* ﴿ المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِيا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَاكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿تِلْكَ آيَاتُ﴾: يجوز في "تلك" أن تكونَ مبتدأً والخبرُ ﴿آيَاتُ الْكِتَابِ﴾، والمشارُ إليه آياتُ السورة. والمرادُ بالكتابِ السورةُ. وقيل: إشارةٌ إلى ما قَصَّ عليه مِنْ أنباء الرسل.
وهذه الجملةُ لا محلَّ لها إن قيل: إنَّ "المر" كلامٌ مستقلٌ، أو قُصِد به مُجَرَّدُ التنبيهِ، وفي محلِّ رفعٍ على الخبرِ إنْ قيل: إنَّ "المر" مبتدأٌ، ويجوز أن تكونَ "تلك" خبراً لـ "المر"، و ﴿آيَاتُ الْكِتَابِ﴾ بدلٌ أو بيانٌ. وقد تقدَّم تقريرُ هذا بإيضاحٍ أولَ الكتاب، وأَعَدْتُه....
قوله: ﴿وَالَّذِيا أُنزِلَ﴾ يجوز فيه أوجهٌ، أحدُها: أن يكونَ مبتدأً، و "الحقُّ" خبرُه. الثاني: أن يكون مبتدأً، و ﴿مِن رَّبِّكَ﴾ خبرُه، وعلى هذا فـ "الحقُّ" خبرُ مبتدأ مضمر، أي: هو الحق. الثالث: أنَّ "الحقُّ" خبرٌ بعد خبر. الرابع: أن يكونَ ﴿مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ﴾ كلاهما خبرٌ واحدٌ. قاله أبو البقاءُ والحوفيُّ. [وفيه بُعْدٌ]؛ إذ ليس هو مثلَ "هذا حلوٌ حامِضٌ".
الخامس: أن يكون "الذي" صفةً لـ "الكتاب". قاله أبو البقاء: "وأُدْخِلَت الواوُ [في لفظه، كما أُدْخِلت] في "النازلين" و "الطيبين". قلت: يعني أن الواوَ تكونُ داخلةً على الوصف. وفي المسألة كلامٌ يحتاج إلى تحقيقٍ، والزمخشريُّ [يُجيز مثلَ ذلك، ويجعلُ أنَّ] في ذلك تأكيداً، وسيأتي هذا أيضاً إن شاء اللهُ تعالى في الحجر، في قوله ﴿مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ﴾ وقوله: "في النازلين" و "الطيبين" يشير إلى بيت الخِرْنِقِ بنت هَفَّان في قولها حين مَدَحَتْ قومَها:
٢٨٣٨- لا يَبْعَدَنْ قوميْ الذين هُمُ * سُمُّ العُداةِ وآفَةُ الجُزْرِ
النازِلينَ بكلِّ مُعْتَرَكٍ * والطيِّبين مَعاقِدَ الأُزْرِ
(٩/٨٦)
---