فعطَفَ "الطيبين" على "النازِلين"، وهما صفتان لقومٍ معنيين، إلاَّ أنَّ الفرقَ بين الآيةِ والبيتِ واضحٌ: من حيث إن البيتَ فيه عطفُ صفةٍ على مثلِها، والآيةُ ليست كذلك.
وقال الشيخ شيئاً يقتضي أن تكونَ ممَّا عُطِفَ فيها وَصْفٌ على مثلِه فقال: "وأجاز الحوفي أيضاً أن يكونَ "والذي" في موضعِ رفعٍ عطفاً على "آيات"، وأجاز هو وابنُ عطية أن يكونَ "والذي" في موضعِ خفضٍ، وعلى هذين الإعرابين يكون "الحقُّ" خبرَ مبتدأ محذوفٍ، أي: هو الحق، ويكون "والذي" ممَّا عُطِفَ فيه الوصفُ على الوصفِ وهما لشيءٍ واحد، كما تقول "جاءني الظريفُ والعاقلُ" وأنت تريد شخصاً واحداً، ومن ذلك قولُ الشاعر:
٢٨٣٩- إلى المِلِكِ القَرْمِ وابنِ الهُمامِ * وليثِ الكَتِيبةِ في المُزْدَحَمْ
قلت: وأين الوصفُ المعطوفُ عليه عليه حتى يجعلَه مثلَ البيتِ الذي أنشده؟
السادس: أن يكونَ "الذي" مرفوعاً نسقاً على "آيات" كما تقدَّمَتْ حكايتُه عن الحوفي. وجَوَّز الحوفيُّ أيضاً أن يكونَ "الحقُّ" نعتاً لـ "الذي" حالَ عطفِه على ﴿آيَاتُ الْكِتَابِ﴾.
وتَلَخَّص في "الحقِّ" حمسةُ أوجه، أحدها: أنه خبرٌ أولُ أو ثانٍ أو هو مع ما قبله، أو خبرٌ لمبتدأ مضمر، أو صفةٌ لـ "الذي" إذا جَعَلْناه معطوفاً على "آيات".
* ﴿ اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَآءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ﴾
(٩/٨٧)
---


الصفحة التالية
Icon