قال الشيخ: "ما قالاه من انها للتوبيخ والاستبعاد ليس بصحيح، لأنها لم تُوضَعْ لذلك، والاستبعادُ والتوبيخُ مستفادٌ من السياق لا من "ثم"، ولم أعلم أحداً من النحويين ذكر ذلك، بل "ثم" هنا للمُهْلة نم الزمان، وهي عاطفةٌ جملةً اسميةعلى جملة اسمية". يعني على "الحمد لله". ثم اعترض على الزمخشري في تجويزه أن تكون معطوفةً على "خَلَق" بأنَّ "خَلَق" صلة، فالمعطوفُ عليها يُعطى حكمَها، ولكن ليس ثَمَّ رابطٌ يعود منها على الموصول. ثم قال: "إلا أن يكون على رأي مَنْ يَرى الرَّبْطَ بالظاهر كقولهم: أبو سعيد الذي رَوَيْتُ عن الخدري" وهو قليلٌ جداً لا ينبغي أن يُحملَ عليه كتابُ الله". قلت: الزمخشري إنما يريد العطف بـ"ثم" لتراخي ما بين الرتبتين، ولا يريد التراخي في الزمان كما قد صرَّح به هو فيكف يَلْزمُه ما ذَكَرَ مِنَ الخلوِّ عن الرابط، وكيف يَتَخيَّل كونَها للمهلة في الزمان كما ذكر الشيخ؟
قوله: ﴿بِرَبِّهِمْ﴾ يجوز أن يتعلَّق بـ"كفروا" فيكون "يُعْدِلون" بمعنى يَميلون عنه، من العُدول، ولا معفولَ له حينئذ، ويجوز أن يتعلَّ بـ"يعدِلون" وقُدِّم للفواصل، وفي الباء حينئذ احتمالان، أحدهما: ان تكون بمعنى عن، و"يَعْدِلون" من العُدول وأيضاً، أي يعدِلون عن ربهم إلى غيره. والثاني: أنها للتعدية، ويَعْدِلون من العَدْل وهو التسوية بين الشيئين، أي: ثم الذين كفروا يُسَوُّوْن بربهم غيرَه من المخلوقين، فيكون المفعول محذوفاً.
* ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ ﴾
(٦/١١٨)
---


الصفحة التالية
Icon