قال الزمخشري: "في السموات" متعلق بمعنى اسم الله كأنه قيل: وهو المعبود فيها - ومنه: ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمآءِ إِلَاهٌ﴾ - أو هو المعروف بالإلهيَّة والمتوحِّد بالإلهيَّة فيها، أو هو الذي يقال له "الله" لا يَشْرَكُه في هذا الاسمِ غيره". قلت: إنما قال: "أو هو المعروف أو هو الذي يقال له الله" لأن هذا الاسم الشريف تقدَّم لك فيه خلاف: هل هو مشتق أو لا؟ فإن كان مشتقاً ظهر تعلُّق الجار به، وإن كان ليس بمشتق: فإمَّا أن يكون منقولاً أو مرتجلاً، وعلى كلا التقديرين في يعمل؛ لأن الأعلام لا تعمل فاحتاج أنْ يَتَأوَّل ذلك على كل قول من هذه الأقوال الثلاثة، فقوله "المعبود راجع للاشتقاق، وقوله "المعروف" راجع لكون عَلَماً منقولاً، وقوله "المعروف" راجع إلى كونه مرتجلاً، وكأنه -رَحِمه الله - استشعر بالاعتراض المذكور. والاعتراضُ منقولٌ عن الفارسي، قال: "وإذا جَعَلْتَ الظرف متعلقاً باسم الله جاز عندي على قياس مَنْ يقول إن الله أصله الإله، ومن ذهب بهذا الاسم مذهب الأعلام وجب أن يتعلق به عنده إلا ان تُقَدِّر فيه ضرباً من معنى الفعل" فكأن الزمخشري- والله أعلم - أخذ هذا من قول الفارسيِّ وبِسَطه. إلا أن أبا البقاء نقل عن أبي علي أنه لا يتعلَّق "في" باسم الله لأنه صار بدخول الألف واللام، والتغير الذي دخله كالعلمَ، ولهذا قال تعالى: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً﴾ فظاهرُ هذا النقلِ أنه يمنع التعلُّق به وإن كان في الأصل مشتقاً.
(٦/١٢٣)
---


الصفحة التالية
Icon