الوجه الثاني: أن "في السموات" معلِّقٌ بمحذوف هو صفة لله تعالى حُذِفَتْ لفَهْمِ المعنى، فقدَّرها بعضهم، وهو الله المعبود، وبعضهم: وهو الله المدبِّر، وحَذْفُ الصفة قليلٌ جداً لم يَرِدْ منه إلا موضعُ يسيرةٌ على نَظَرٍ فيها، فمنها ﴿وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ﴾ أي المعاندون، ﴿إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ﴾ أي الناجين فلا ينبغي أن يُحْمَلَ هذا عليه.
الوجه الثالث: قال النحاس: "وهو أحسنُ ما قيل فيه - إن الكلام تمَّ عند قوله: ﴿وَهُوَ اللَّهُ﴾ والمجرور متعلِّقٌ بمفعول "يَعْلَم" وهو "سِرَّكم وجَهْرَكم" [أي:] يَعْلَم سِرَّكم وجَهْركم فيهما" وهذا ضعيفٌ جداً لما فيه من تقديم معمول المصدر عليه وقد عرف ما فيه.
الوجه الرابع: أن الكلام تمَّ أيضاً عند الجلالة، ويتعلق الظرف بنفس "يعلم" وهذا ظاهر، و"يعلم" على هذين الوجهين مستأنف.
الوجه الخامس: أن الكلام تمَّ عند قوله ﴿فِي السَّمَاوَاتِ﴾ فيتعلق ﴿فِي السَّمَاوَاتِ﴾ باسم الله، على ما تقدَّم، ويتعلَّق "في الأرض" بـ"يعلم". وهو قول الطبري قال أبو البقاء "وهو ضعيفٌ؛ لأن الله تعالى معبود في السموات وفي الأرض، ويعلم ما في السموات وما في الأرض، فلا تنخصَّص إحدى الصفتين بأحد الظرفين" وهو رَدٌّ جميل.
الوجه السادس: أنَّ "في السموات" متعلِّقٌ بمحذوف على أنه حال من "سرَّكم" ثم قُدِّمَت الحالُ على صاحبها وعلى عاملها.
السابع: أنه متعلق بـ "يَكْسِبون" وهذا فاسد من جهة أنه يلزم منه تقديمُ معمولِ الصلةِ على الموصول؛ لأن "ما" موصولة اسمية أو حرفية، وأيضاً فالمخاطبون كيف يكسِبون في السموات؟ ولو ذهب هذا القائل إلى أن الكلام تمَّ عند قوله "في السموات" وعلَّق "في الأرض" بـ "يَكْسِبون" لسَهُلَ الأمرُ من حيث المعنى لا من حيث الصناعةُ.
(٦/١٢٥)
---


الصفحة التالية
Icon