وقال الراغب: "قيل وأصله حَقَّ، فقلب نحو: زلَّ وزال، وقد قرئ: "فأزلَّهما وأزلَهما" وعلى هذا ذمَّة وذامه" وقال الأزهري: "جعل أبو إسحاق" "حاق" بمعنى أحاط، وكأن مأخذه من الحَوْق وهو ما استدار بالكَمَرَة" قال: "وجائز أن يكون الحَوْق فعلاً من حاق يحيق، كأنه في الأصل: حُيق، فقلبت الياء واواً لانضمام ما قبلها" وهل يحتاج إلى تقدير مضاف قبل "ما كانوا"؟ نقل الواحدي عن أكثر المفسرين ذلك أي: عقوبة ما كانوا، أو جزاء ما كانوا، ثم قال: "وهذا إذا جعلت "ما" عبارة عن القرآن والشريعة وما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، وإن جعلْتَ "ما" عبارة عن العذاب الذي كان ﷺ يُوعدهم به إن لم يؤمنوا استغْنَيْتَ عن تقدير المضاف، والمعنى: فحاق بهم العذابُ الذي يستهزئون به وينكرونه.
والسُّخْرِيَّة: الاستهزاء والتهكم، يقال: سَخِر منه وبه، ولا يقال إلا استهزاءً به فلا يتعدَّى بـ"مِنْ" وقال الراغب: "سَخَرْتُهُ إذا سَخَّرْتَه للهُزْء منه، يقال: رجل سُخَرَة بفتح الخاء إذا كان يَسْخَر من غيره، وسُخْرة بسكونها إذا كان يُسْخر منه، ومثله: ضُحَكة وضُحْكة، ولا ينقاس. وقوله: ﴿فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً﴾ يحتمل أن يكون التسخير، وأن يكون من السُّخْرية". وقد قرئ سُخرياً وسِخرياً بضمِّ السين وكسرها. وسيأتي له مزيد بيان في موضعه إن شاء الله تعالى.
* ﴿ قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾
(٦/١٣٧)
---


الصفحة التالية
Icon