قوله: ﴿كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ﴾ "كيف" خبر مقدَّم و"عاقبة" اسمها، ولم يُؤَنَّثْ فعلُها لأن تأنيث غير حقيقي، ولأنها بتأويل المآل والمنتهى، فإنَّ العاقبة مصدرٌ على وزن فاعِله، وهو محفوظ في ألفاظ تقدَّم ذِكْرُها وهي منتهى الشيء وما يصير إليه. والعاقبة إذا أُطْلِقَتْ اختصت بالثواب. قال تعالى: ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ وبالإضافة قد تستعمل في العقوبة كقوله تعالى: ﴿ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُواْ السُّواءَى﴾ ﴿فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَآ أَنَّهُمَا فِي النَّارِ﴾ فصَحَّ أن تكون استعارة مِنْ ضدِّه كقوله تعالى: ﴿فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ و"كيف" معلِّقة للنظر فيه في محل نصب على إسقاط الخافض؛ لأنَّ معناه هنا التفكُّر والتدبُّر.
* ﴿ قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل للَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوااْ أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ﴾: "لمَنْ" خبرٌ مقدَّمٌ واجبُ التقديم؛ لاشتماله على ما له صدرُ الكلام فإنَّ "مَنْ" استفهامية والمبتدأ "ما" وهي بمعنى الذي، والمعنى: لمن استقر الذي في السموات. وقوله: ﴿قُل للَّهِ﴾ قيل: إنما أمَرَه أن يجيب وإن كان المقصود أن يُجيب غيرُه؛ ليكون أولَ مَنْ بادر الاعتراف بذلك، وقيل: لمَّا سألهم كأنهم قالوا: لمن هو؟ فقال الله: قل لله، ذكره الجرجاني. فعلى هذا قوله: "قل لله" جواب للسؤال المضمر الصارد من جهة الجرجاني. فعلى هذا قوله: ﴿قُل للَّهِ﴾ جواب للسؤال الضمر الصادر من جهة الكفار، وهذا بعيدٌ، لأنهم لم يكونوا يشكُّون في أنه لله، وإنما هذا سؤال تبكيت وتوبيخ، ولو أجابوا لم يَسَعْهم أن يُجيبوا إلا بذلك. وقوله "لله" خبر مبتدأ محذوف، أي هو أو ذلك لله.
(٦/١٣٩)
---