ثم هذه الجملة الاستفهامية يحتمل أن تكون منصوبةَ المحلِّ لكونها في حيز القول وهو الظاهر، كأنه أُمِرَ أن يقول: أيُّ شيء أكبرُ شهادةً، وأن يقول: أإنكم لتشهدون. ويحتمل أن لا تكونَ داخلةً في حيِّزه فلا محلَّ لها حينئذ. و"أخرى" صفةٌ لـ "آهلة" لأنَّ ما لا يَعْقِل يُعامَل جمعُه معاملةَ الواحدةِ المؤنثة كقوله: ﴿مَآرِبُ أُخْرَى﴾ و ﴿الأَسْمَآءُ الْحُسْنَى
. قوله: ﴿إِنَّمَا هُوَ إِلَاهٌ وَاحِدٌ﴾ يجوز في "ما" هذه وجهان، أظهرهما: أنها كافة لـ "إنَّ" عن عملها، و"هو" مبتدأ، و"إله" خبر و"واحد" صفته. والثاني: أنها موصولة بمعنى الذي و"هو" مبتدأ "وإليه" خبره، وهذه الجملةُ صلةٌ وعائد، والموصول في محل نصب اسماً لـ"إن"، و"واحد" خبرها. والتقدير: إن الذي هو إله واحد، ذكره أبو البقاء، وهو ضعيفٌ، ويدلُّ على صحة الوجه الأولِ تعيُّنُه في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا اللَّهُ إِلَاهٌ وَاحِدٌ﴾ إذ لا يجوز فيه أن تكون موصولة لخلوِّ الجملة من ضمير الموصول. وقال أبو البقاء: - في هذا الوجه - "وهو أليقُ مما قبله" ولا أدري ما وجه ذلك؟.
* ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوااْ أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ﴾: الموصول مبتدأ، و"يَعْرِفووه" خبره والضميرُ المنصوبُ يجوز عَوْدُه على / الرسول أو على القرآن لتقدُّمه في قوله: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَاذَا الْقُرْآنُ﴾ أو على التوحيد لدلالة قوله: ﴿إِنَّمَا هُوَ إِلَاهٌ وَاحِدٌ﴾ أو على كتابهم أو على جميع ذلك. وأَفْرد الضمير باعتبار المعنى كأنه قيل: يعرفون ما ذَكَرْنا وقصصنا. وقد تقدَّم إعراب هذه الجملة في البقرة.
(٦/١٦٠)
---


الصفحة التالية
Icon