قيل: لا يلزم من كون "شاء" بمعنى "أراد" أن يتعدَّى تعديته، ولذلك نجد اللفظ الواحد تختلف تعديتُه باختلافِ متعلَّقِه تقول: دخلت الدار ودخلت في الأمر، ولا تقول: دخلتُ الأمرَ، فإذا كان ذلك في اللفظ الواحد فما بالك بلفظين؟ ولم يُحفظ عن العرب تعديةُ "شاء" بالباء وإن كانت في معنى أراد.
* ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمْ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾
قوله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُكُم﴾: يجوز نَقْلُ حركة همزة الاستفهام إلى لام "قُلْ" وتحذف الهمزة تخفيفاً وهي قراءة ورش، وهو تسهيل مطرَّد، وأرأيتكم هذه بمعنى أَخْبِرْني، ولها أحكام تختص بها، اضطربت أقوال الناس فيها، وانتشر خلافم فلا بد من التعرُّض لذلك فأقول:
"أرأيْتَ" إن كانت البصَرية أو العِلْميةَ الباقيةَ على معناها أو التي لإصافبة الرئة كقولهم: "رَأَيْتُ الطائر" أي: أصبت رِئَته، لم يَجُزْ فها تخفيفُ الهمزةِ التي هي عينَها، بل تُحَقَّق ليس إلا، أو تُسَهَّل بينَ بينَ من غير إبدال ولا حذف، ولا يجوز أن تَلْحَقَها كافٌ على أنها حرف خطاب، بل إن لحقها كاف كانت ضميراً مفعولاً أولَ ويكون مطابقاً لما يُراد به من تذكير وتأنيثٍ وإفراد وتثنية وجمع، وإذا اتَّصَلَتْ بها تاءُ خطاب لَزِم مطابقتُها لما يُراد بها ممَّا ذُكِر، ويكون ضميراً فاعلاً نحو: أرأيتم، أرأيتما أرأيتنَّ، ويدخلها التعليق والإلغاء.
(٦/٢٠٥)
---