الثالث: أنه "أغير الله" وهو ظاهر عبارة الزمخشري فإنه قال: "ويجوز أن يتعلَّق الشرطُ بقوله: ﴿أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ﴾ كأنه قيل: أغير الله تَدْعُون إن أتاكم عذاب الله" قال الشيخ: "ولا يجوز أن يتعلَّ الشرط بقوله: "أغير الله"؛ لأنه لو تعلَّق به لكان جواباً له، لكنه لا يقع جواباً؛ لأنَّ جواب الشرط إذا كان استفهاماً بالحرف لا يقع إلا بـ"هل" وذَكَر ما قدَّمْتُه إلى آخره، وعزاه الأخفش عن العرب ثم قال: "ولا يجوز أيضاً من وجه آخر، لأنَّا قد قَرَّرْنا أنَّ "أرأيتك" متعدِّية إلى اثنين، أحدهما في هذه الاية محذوفٌ، وأنه من باب التنازع، والآخر وقعت الجملة الاستفهامية موقعَة، فلو جَعَلْتها جواب الشرط لبقيَتْ "أرأيتَكم" متعدية إلى واحد وذلك لا يجوز" قلت: وهذا لا يلزم الزمخشري فإنه لا يرتضى ما قاله من الإعراب المشار إليه. قوله "يلزم تعدِّيها لواحد" قلنا: لا نسلِّم بل يتعدَّى لاثنين محذوفين ثانيهما جملة استفهام، كما قدَّره غيرُه: بأرأيتكم عبادتَكم هل تنفعكم، ثم قال: "وأيضاً التزامُ العرب في الشرط الجائي بعد "أرأيت" مُضِيَّ الفعل دليلٌ على أن جواب الشرط محذوف، لأنه لا يُحْذَفُ جوابُ الشرط إلا عند مُضِيِّ فِعْلِه، قال تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ﴾ ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ﴾ ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ﴾ ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ﴾ ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ﴾ ﴿أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ﴾ ﴿أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى﴾ إلى غير ذلك من الآيات. وقال الشاعر:
١٩٢٠- أَرَيْتَ إنْ جاءت به أمْلودا
وأيضاً مجيءُ الجملة الاستفهامية مُصَدرةً بهمزة الاستفهام دليل على أنها ليست جوابَ الشرط، إذ لا يَصحُّ وقوعُها جواباً للشرط". انتهى.
(٦/٢١٦)
---


الصفحة التالية
Icon