ولما جَوَّزَ الزمشخري أن الشرطَ متعلِّق بقوله: ﴿أغير الله﴾ سأل سؤالاً وأجابَ عنه، قال:"فإنْ قلت: إنْ عَلَّقْتَ الشرطَ به فما تصنعُ بقوله: "فيكشِفُ ما تَدْعُون إليه" مع قوله: ﴿أَوْ أَتَتْكُمْ السَّاعَةُ﴾ وقوارع الساعة لا تكشف عن المشركين؟ قلت: قد اشترط في الشكفِ المشيئةَ وهو قوله "إنْ شاء" إيذاناً بأنه إنْ فَعَلَ كان له وجهٌ من الحكمة، إلا أنه لا يَفْعلُ لوجهٍ آخرَ من الحكمةِ أرجحَ مه" قال الشيخ: "وهذا مبنيٌّ على أن الشرط متعلقٌ بـ "أغير الله". وقد استَدْلَلْنا على أنه لا يجوز" قلت: تَرَك الشيخُ التبنيه على ماهو أهمُّ من ذلك وهو قوله: "إلا أنه لا يفعل لوجهٍ آخر من الحكمة أرجحَ منه" وهذا أصل فاسد من أصول المعتزلة يزعمون أن أفعاله تعالى تابعةٌ لمصالحَ وحِكم يترجَّح مع بعضها الفعلُ ومع بعضها التركُ، ومع بعضها يجب الفعل أو الترك، تعالى الله عن ذلك بل أفعلاه لا تُعَلَّلُ بغرضٍ من الأغراض، لا يُسأل عما يَفعل، وموضوع هذه المسألةِ غيرُ هذا الموضوع، ولكني نبَّهْتُك علهيا إجمالاً.
الرابع: أنَّ جواب الشرط محذوف تقديره: إن أتاكم عذابُ الله أو أَتَتْكم الساعةُ دَعَوْتم، ودَلَّ عليه قوله: ﴿أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ﴾ الخامس: أن محذوف أيضاً، ولكنه مقدَّرٌ من جنس ما تقدَّم في المعنى، تقديرُه: إنْ أتاكم عذاب الله أو أَتَتْكم الساعة فأخبروني عنه أَتَدْعُون غير الله لكشفِه كما تقول: "أخبرني عن زيدٍ إن جاءك ما تصنعُ به" أي: إن جاءَك فأخبرني عنه، فحُذِفَ الجوابُ لدلالة "أخبرني" عليه، ونظيرُه: أنت ظالمُ إن فعلت، أي: فأنت ظالم، فحذف "فأنت ظالمٌ" لدلالةِ ما تقدَّم عليه. وهذا ما اختاره الشيخ. قال: "وهو جارٍ على قواعد العربية" وادَّعى أنه لم يَرَه لغيره.
(٦/٢١٧)
---