قوله: ﴿مَا تَدْعُونَ﴾ يجوز في "ما" أربعةُ أوجه، أظهرها: أنها موصلة بمعنى الذي أي: فتكشف الذي تَدْعون، والعائد محذوف لاستكمال الشروط أي: تَدْعونه. الثاني: أنها ظرفية، قال ابن عطية. وعلى هذا فيكون مفعول "يشكفُ" محذوفاً تقديره: فيكشف العذاب مدةَ دعائكم أي: ما دُمْتُمْ داعِيه.
قال الشيخ: "وهذا ما الا حاجةَ إليه مع أنَّ فيه وَصْلَها بمضارعٍ، وهو قليلٌ جداً تقولُ: "لا أُكَلِّمك ما طلَعت الشمس" ويضعف: ما تطلع الشمس" قلت: قوله بمضارع" كان ينبغي أن يقول مثبت؛ لأنه متى كان منفياً بـ "لم" كَثُر وَصْلُها به نحون قوله:
١٩٢١- ولَنْ يَلْبَثَ الجُهَّالُ أن يَتَهَضَّوا * أخا الحلم ما لم يَسْتَعِنْ بجَهول
ومِنْ وَصْلها بمضارعٍ مثبت قولُه:
١٩٢٢- أُطَوِّفُ ما أُطَوِّفث ثم آوي * إلى أمَّا ويَرْويني النقيعُ
وقول الآخر:
١٩٢٣- أُطَوِّفُ ما أُطّوِّف ثم أوي * إلى بيتٍ قعيدَتُهُ لَكاعِ
فـ "أُطَوِّفُ" صلةُ لـ "ما" الظرفية.
الثالث: أنها نكرة موصوفة ذكره أبو البقاء، والعائد أيضاً محذوف أي: فيكشفُ شيئاً تَدْعونه أي: تَدْعون كَشْفَه، والحذفُ من الصفةِ أقلُّ منه من الصلة. الرابع: أنها مصدرية، قال ابن عطية: "ويَصِحُّ أن تكون مصدرية على حذف في الكلام" قال الزجاج: "وهو مثل: ﴿وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ﴾ قلت: والتقدير: فيكشف سبب دعائكم وموجبه قال الشيخ "وهذه دعوى محذوف غيرِ معين وهو خلاف الظاهر" وقال أبو البقاء: "وليست مصدريةإلا أَنْ تجعلَها مصدراً بمعنى المفعول" يعني يصير تقديره: فيكشف مَدْعُوَّكم أي: الذي تَدْعُون لأجله، وهو الضُّرُّ ونحوه.
قوله: ﴿إِلَيْهِ﴾ فيما يتعلق به وجهان، أحدهما: أن يتعلق بـ "تَدْعون"، والضمير حينئذ بالنسبة إلى متعلِّق الدعاء يتعدى بـ "إلى" أو اللام. قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى اللَّهِ﴾ ﴿وَإِذَا دُعُوااْ إِلَى اللَّهِ﴾ وقال:
(٦/٢١٩)
---