والإبلاسُ: الإطراق، وقيل: هو الحُزْن المعترض من شدة البأس، ومنه اشْتُقَّ "إبليس" وقد تقدَّم في موضعه وأنه هل هو أعجمي أم لا؟
قوله: ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ﴾ الجمهور على "فَقُطِع" مبنياً للمفعول. "دابر" مرفوع به. وقرأ عكرمة: "قطع" مبنياً للفاعل وهو الله تعالى، "دابر" مفعول به، وفيه التفاتٌ، إذ هو خروج من تكلم في قوله: "أخذناهم" إلى غيبة. والدابرُ: التابع من خلف، يقال: دَبَر الولدُ والدَه، ودَبَر فلان القوم يَدْبُرُهم دُبُوراً ودَبْراً. وقيل: الدابِر: الأصل، يقال: قطع الله دابِرَه أي: أصله، قال الأصمعي. وقال أبو عبيد: "دابرُ القوم آخرُهم"، وأنشدوا لأميَّة بن ابي الصلت:
١٩٢٨- فاستُؤْصِلوا بعذابٍ حَصَّ دابِرَهُمْ * فما استطاعوا له صَرْفاً ولا انتصروا
ومنه: دَبَر السهمُ الهدفَ أي: سقَط خلفَه.
* ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَّنْ إِلَاهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ﴾: المفعول الأول محذوف تقديره: أرأيتم سَمْعَكم وأبصاركم إن أخذها الله، والجملة الاستفهامية في موضع الثاني، وقد تقدم أنَّ الشيخ يجعلُه من التنازع، وجواب الشرط محذوف على نحو ما مرَّ. وقال الحوفي: "وحرفُ الشرط وما اتصل به في موضع نصبٍ على الحال، والعالمُ في الحال "أرأيتم" كقولك: "اضربه إن خرج" أي خارجاً، وجواب الشرط ما تقدَّم مِمَّا دخلَتْ عليه همزة الاستفهام" وهذا إعرابٌ لا يَظْهر. ولم يُؤْتَ هنا بكاف الخطاب وأُتي به هناك؛ لأنَّ التهديدَ هناك أعظم فناسب التأكيد بالإتيان بكاف الخطاب، ولمَّا لم يُؤْتَ بالكافِ وجب بروزُ علامةِ الجمع في التاء يلتبسَ، ولو جيء معها بالكاف لا ستُغْنِي بها كما تقدَّم، وتوحيد السمع وجَمْعُ الأبصارِ مفهومٌ ممَّا تقدَّم في البقرة.