قوله: ﴿هَلْ يُهْلَكُ﴾ هذا استفهامٌ بمعنى النفي؛ ولذلك دخلت "إلاَّ"، وهو استنثناءٌ مفرَّغٌ، والتقدير: ما يُهْلك إلا القوم الظالمون. وهذه الجملة الاستفهامية في موضع المفعول الثاني لـ "أرأيتكم" والأولُ محذوفٌ، وهذا من التنازع على رأي الشيخ كما تقدَّم تقريره. وقال أبو البقاء:"الاستفهامُ ههنا بمعنى التقرير، فلذلك ناب عن جواب الشرط أي: إن أتاكمْ هَلَكْتم، والظاهرُ ما قَدَّمْتُه، ويجيء هنا قول الحوفي المتقدم في الآية قبلها من كون الشرط حالاً. وقرأ ابن محيصن: ﴿هل يَهْلَكُ﴾ مبنياً للفاعل. وتَقَدَّم الكلام أيضاً على "بَغْتة" اشتقاقاً وإعراباً".
* ﴿ وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ﴾: حال من "المرسلين" وفي هذه الحال معنى الغَلَبة أي: لم نُرْسِلءهم لأن تُقْتَرَحَ عليهم الآيات، بل لأن يُبَشِّروا ويُنْذِرُوا. وقرأ إبراهيم ويحيى: "مُبْشِرين" بالتخفيف وقد تقدَّم أن "أَبْشَر" لغةٌ في "بَشَّر".
قوله: ﴿فَمَنْ آمَنَ﴾ يجوز في "مَنْ" أن تكون شرطية، وأن تكونَ موصولةً، وعلى كلا التقديرين فمحلُّها رفعٌ بالابتداء والخبر: "فلا خوف": فإن كانت شريطة فالفاء جواب الشرط، وإن كانت موصولة فالفاء زائدة لشبه الموصول بالشرط، وعلى الأول يكون محلُّ الجملتين الجزمَ، وعلى الثاني لا محلَّ للأولى، ومحلُّ الثانية الرفع، وحُمِل على اللفظ فأفردَ في "آمن" و"اصلَح"، وعلى المعنى فجمع في ﴿فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ ويُقَوِّي كونَها موصولةً مقابلتُها بالموصول بعدها في قوله: ﴿والذين كَذَّبوا﴾.
* ﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ ﴾
(٦/٢٢٦)
---


الصفحة التالية
Icon