* ﴿ قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ قُلْ لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَآءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾
قوله تعالى: ﴿أَنْ أَعْبُدَ﴾: في محل "أَنْ" الخلاف المشهور، إذ هي على حَذْفِ حرف تقديره: نُهِيْتُ عن أن أعبدَ. وقوله: ﴿قَدْ ضَلَلْتُ﴾ "إذن" حرف جواب وجزاء لا عمل لها هنا لعدم فعلٍ تعمل فيه، والمعنى: "إن اتَّبَعْتُ أهواءَكم ضَللْت وما اهتدَيْت" فيه في قوة شرط وجزاء.
والجمهور: ﴿ضَلَلْتَ﴾ بفتح اللام الأولى. وقرأ أبو عبد الرحمن ويحيى وطلحة بكسرها، وقد تقدَّم أنها لغة. ونقل صاحب التحرير [عن يحيى وابن أبي ليلى أنها قرآ] هنا وفي ألم السجدة: ﴿أَإِذَا ضَلَلْنَا﴾ بصاد غير معجمة. يقال: صَلَّ اللحمُ أي: أنتن، وهذا له بعض مناسبة في آية السجدة، وأما هنا فمعناه بعيدٌ أو ممتنعٌ. وروى العباس عن ابن مجاهد في "الشواذ" له: "صُلِلْنا في الأرض" أي دُفِنَّا في الصَّلَّة وهي الأرضُ الصُلْبة. وقوله: ﴿وَمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾ تأكيد لقوله: ﴿قَدْ ضَلَلْتُ﴾ وأتى بالأولى جملةً فعلية ليدلَّ على تجدد الفعل وحُدوثهِ، وبالثانية اسمية ليدلَّ على الثبوت.
* ﴿ قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ﴾
قوله تعالى: ﴿وَكَذَّبْتُم بِهِ﴾: في هذه الجملة وجهان، أحدهما: أنها مستأنفةٌ سيقت للإخبار بذلك. والثاني: أنها في محصل نصب على الحال، وحينئذ هل يُحتاج إلى إضمار "قد" أم لا؟ والهاء في "به" يجوز أن تعود على "ربي" وهو الظاهر. وقيل: على القرآن لأنه كالمذكور. وقيل على "بَيِّنَة" لأنها في معنى البيان. وقيل: لأن التاء فيها للمبالغة، والمعنى: على أمرٍ بَيِّنٍ من ربي، و"من ربي" في محل جر صفة لـ "بينة"
(٦/٢٤٥)
---


الصفحة التالية
Icon