قوله: ﴿يَقُصُّ الْحَقَّ﴾ قرأ نافع وابن كثير وعاصم: "يقص" بصاد مهملة مشددة مرفوعة، وهي قراءة ابن عباس، والباقون بضاد معجمة مخففة مكسورة، وهاتان في المتواتر. وقرأ عبد الله وأُبَيّ ويحيى بن وثاب والنخعي والأعمش وطلحة: "يقضي بالحق" من القضاء. وقرأ سعيد بن جبير ومجاهد: "يقضي بالحق وهو خير القاضين" فأمَّا الفصل يناسب القضاء، ولم يُرْسَم إلا بضاد، كأن الباء حُذِفَتْ خَطَّاً كما حذفت لفظاً لالتقاء الساكنين، كما حذفت من نحو: ﴿فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ﴾ وكما حُذِفَتْ الواو في ﴿سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ﴾ ﴿وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ﴾ لما تقدم.
وأمَّا نصب "الحق" بعده ففيه أربعة أوجه، أحدها: أنه منصوب على أنه صفة لمصدر محذوف أي: يقضي القضاء الحق. والثاني: أنه ضمَّن "يقضي" معنى يُنْفِذ، فلذلك عدَّاه إلى المفعول به، الثالث: أن "قضى" بمعنى صنع فيتعدَّى بنفسه من غير تضمين، ويدل على ذلك قوله:
١٩٣٦- وعليهما مَسْرُودتان قضاهُما * داودُ....................
أي: صَنَعَهما. الرابع: أنه على إسقاط حرف الجر أي: يقضي بالحق، فلما حذف انتصب مجروره على حَدِّ قوله:
١٩٣٧- تمرُّون الدِّيرا فلم تَعْوجوا *.................
ويؤيد ذلك: القراءةُ بهذا الأصل.
(٦/٢٤٦)
---