قوله: ﴿لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ﴾ في محل نصب على الحال من "مفاتح"، والعامل فيها الاستقرار الذي تضمَّنه حرف الجر لوقوعه خبراً. وقال أبو البقاء: "نفسُ الظرف إنْ رَفَعْتَ به مفاتح" أي: إنْ رفعته به فاعلاً، وذلك على رأي الأخفش، وتضمُّنه للاستقرار لا بد منه على كل قول، فلا فرق بين أن ترفعَ به الفاعل أو تجعله خبراً.
قوله: ﴿مِن وَرَقَةٍ﴾ فاعل "تَسْقُط" و"مِنْ" زائدة لاستغراق الجنس، وقوله: ﴿إِلاَّ يَعْلَمُهَا﴾ حالٌ من "ورقة" وجاءت الحال من النكرة لاعتمادِها على النفي، والتقدير: ما تسقط من ورقة إلا عالماً هو بها كقولك: "ما أكرمْتُ أحداً إلا صالحاً" ويجوز عندي أن تكونَ الجملة نعتاً لـ "ورقة" وإذا كانوا أجازوا في قوله ﴿إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ﴾ أن تكون نعتاً لقرية في قوله: ﴿وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ﴾ مع كونها بالواو ويعتذرون عن زيادة الواو، فأَنْ يجيزوا ذلك هنا أولى، وحينئذ فيجوز أن تكون في مضوع جر على اللفظ أو رفع على المَحَلَّ.
قوله: ﴿وَلاَ حَبَّةٍ﴾ عطفٌ على لفظ "ورقةٍ" ولو قُرِئ بالرفع لكان على الموضع. و"في ظلمات" صفة لحبة. وقوله: ﴿وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ﴾ معطوفان أيضاً على لفظ "ورقة" وقرأهما ابن السميفع والحسن وابن أبي إسحاق بالرفع على المحل، وهذا هو الظاهر، ويجوز أن يكونا مبتدأين، والخبر قوله ﴿إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ ونقل الزمخشري أن الرفع في الثلاثة أعني قوله: "ولا حبةٍ ولا رطبٍ ولا يابسٍ" وذكر وجهي الرفع المتقدِّمين، ونظَّر الوجه الثاني بقولك: "لا رجلٌ منهم ولا امرأة إلا في الدار".
(٦/٢٤٩)
---


الصفحة التالية
Icon