قله: ﴿إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ في هذا الاستثناء غموض، فقال الزمخشري: "وقوله: ﴿إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ كالتكرير لقوله: ﴿إِلاَّ يَعْلَمُهَا﴾ لأن معنى "إلاَّ يعلمها" ومعنى "إلا في كتاب مبين" واحد، والكتاب علم الله أو اللوح" وأبرزه الشيخ في عبارة قريب من هذه فقال: "وهذا الاستثناء جارٍ مجرى التوكيد لأن قوله: "ولا حبةٍ ولا رطب ولا يابس" معطوف على "مِنْ ورقة" والاستثناءُ الأولُ منسحبٌ عليها كما تقول: "ماجاءني من رجلٍ إلا أكرمته ولا أمرأةٍ" فالمعنى: إلا أكرمتها، ولكنه لَمَّا طال الكلام أعيد الاستثناء على سبيل التوكيد، وحَسَّنه كونُه فاصلة" انتهى. وجعل صاحب "النظم" الكلامَ تاماً عند قوله: ﴿ولا يابس﴾ ثم استأنف خبراً آخر بقوله ﴿إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ بمعنى: وهو في كتاب مبين أيضاً. قال: "لأنك لو جَعَلْتَ قوله ﴿إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ بمعنى: وهو في كتاب مبين أيضاً. قال: "لأنك لو جَعَلْتَ قوله ﴿إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ متصلاً بالكلام الأول لفسَدَ المعنى، وبيان فساد في فصل طويل ذكرناه في سورة يونس في قول: "ولا أصغرَ من ذلك ولا أكبرَ إلا في كتاب مبين"انتهىقلت: إنما كان فاسدَ المعنى من حيث اعتقد أنه استثناءٌ آخرُ مستقلٌّ، وسيأتي كيف فسادُه، أمَّا لو حعله استثناء مؤكداً للأول كما قاله أبو القاسم لم يفسد المعنى، وكيف يُتَصَوَّرُ تمام الكلام على قوله تعالى: ﴿وَلاَ يَابِسٍ﴾ ويُبْتَدَأ بـ "إلال" وكيف تقع "إلا" هكذا؟
(٦/٢٥٠)
---


الصفحة التالية
Icon