* ﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَآءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿وَيُرْسِلُ﴾: فيه خمسة أوجه، أحدها: أنه عطفٌ على اسم الفاعل الواقع صلة لأل، لأنه في معنى يفعل، والتقدير: وهو الذي يقهر عباده ويرسل، فعطف الفعل على الاسم لأنه في تأويله، ومثلُه عند بعضهم: ﴿إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُواْ﴾ قالوا: فأقرضوا عطف على "مصدقين" الواقعِ صلةً لأل، لأنه في معنى: إنَّ الذين صدَّقوا وأقرضوا، وهذا ليس بشيء، لأنه يلزم من ذلك الفصلُ بين أبعاض الصلة بأجنبيّ وذلك أن "وأقرضوا" من تمام صلة أل في "المصِّدِّقين" وقد عطف على الموصول قوله "المصدقات" وهو أجنبي، وقد تقرر غيرَ مرة أنه لا يُتْبَعُ الموصول إلا بعد تمام صلته. وأمَّا قوله تعالى: ﴿فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ﴾ فيقبضن في تأويل اسم أي: وقابضات. ومن عطف الاسم على الفعل لكونه في تأويل الاسم قوله تعالى: ﴿يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ﴾ وقوله:
١٩٤٠- فأَلْفَيْتُه يوماً يُبيرُ عدوَّهُ * ومُجْرٍ عطاءً يستخفُّ المعابرا
والثاني: أنها جملة فعلية عُطِفَتْ على جملة اسمية وهي قوله: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ﴾ والثالث: أنها معطوفة على الصلة وما عُطِف عليها وهو قوله: يتوفَّاكم ويعلم، وما بعده، أي: وهو الذي يتوفَّاكم ويرسل. الرابع: أنه خبر مبتدأ محذوف، والجملة في محل نصب على الحال. وفي صاحبها وجهان، أظهرهما: أنه الضميرُ المستكنُّ في "القاهر" والثاني: أنها حال من الضمير المستكنِّ في الظرف، كذا قال أبو البقاء، ونقله عن الشيخ وقال: "وهذا الوجهُ أضعفُ الأعاري" وقولهما "الضمير الذي في الظرف" ليس هنا ظرفٌ يُتَوهَّم كونُ هذه الحالِ من ضميرٍ فيه إلا قولَه "فوق عباده" ولكن بأي طريق يَتَحَمَّل هذا الظرفُ ضميراً؟
(٦/٢٥٣)


الصفحة التالية
Icon