قوله: ﴿وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ﴾ هذه الجملة تحتمل وجهين، أظهرهما: أنها حال من "رسلنا" والثاني: أنها استئنافية سيقت للإخبار عنهم بهذه الصفة، والجمهور على التشديد في "يُفْرِّطون" ومعناه لا يُقَصِّرون وقرأ عمرو بن عبيد والأعرج:"يُفْرِطون" مخففاً من أفرط، وفيها تأويلان أحدهما: أنها بمعنى لا يجاوزون الحدَّ فيما أُمِروا به. قال الزمخشري: "فالتفريط: التواني والتأخير عن الحدِّ، و الإفراط: مجاوزة الحدِّ أي: لا يُنْقصون ممَّا أمروا به ولا يَزيدون" والثاني: أن معناه لا يتقدمون على أمر الله، وهذا يحتاج إلى نَقْلِ أنَّ أفرط بمعنى فَرَّط أي تَقَدَّم. وقال الجاحظ قريباً من هذا فإنه قال: "معنى لا يُفْرِطون: لا يَدَعون أحداً يفرُط عنهم أي: يَسْبقهم ويفوتهم" وقال أبو البقاء: "ويُقرأ بالتخفيف أي: لا يزيدون على ما أُمِروا به" وهو قريب مِمَّا تقدم.
* ﴿ ثُمَّ رُدُّوااْ إِلَى اللَّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ﴾
قوله تعالى: ﴿مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ﴾: صفتان لله. وقرأ الحسن والأعمش: "الحقَّ" نصباً، وفيه تاويلان، أظهرهما: أنه نعت مقطوع. والثاني: أنه نعتُ مصدرٍ محذوف أي: رَدُّوا الردَّ الحقَّ لا الباطل. وقرئ: ﴿رِدُّوا﴾ بكسر الراء، وتقدَّم تخريها مستوفى. والضمير في "مولاهم" فيه ثلاثة أوجه، أظهرهما: أنه للبعاد في قوله ﴿فَوْقَ عِبَادِهِ﴾ فقوله: ﴿وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم﴾ التفاتٌ، إذا الأصل: ويرسل عليهم وفائدة هذا الاتلفات التنبيهُ والإيقاظ. والثاني: أنه بنو آدم ويُرَدُّون إلى ربهم. والثالث: أنه يعود على "أحد" في قوله: ﴿إِذَا جَآءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ﴾ إذ المراد به الجمع لا الإفراد.
* ﴿ قُلْ مَن يُنَجِّيكُمْ مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَاذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾
(٦/٢٥٦)
---