قوله تعالى: ﴿قُلْ مَن يُنَجِّيكُمْ﴾: قرأ السبعة هذه مشددة، ﴿قل الله ينجيكم﴾: قرأها الكوفيون وهشام بن عمار عن ابن عامر مشددة كالأولى، وقرأ الثِّنتين بالتخفيف من "أنى" حميدُ بن قيس يعقوب وعلي بن نصر عن أبي عمرو، وتحصَّل من ذلك أن الكوفيين وهشاماً يثقِّلون في الموضعين وأن حميداً ومَنْ معه يُخَففون فيهما، وأن نافعاً وابن كثير وأبا عمرو وأبن ذكروان عن ابن عامر يُثْقِّون الأولى ويُخَفِّفون الثانية، والقراءاتُ واضحة فإنها من نجَّى وأَنْجى، فالتضعيف والهمزة كلاهما للتعدية، فالكوفيون وهشام التزموا التعدية بالضعيف، وحميد وجماعته التزموها بالهمزة، والباقون جمعوا بين التعديتين جمعاً بين اللغتين كقوله تعالى: ﴿فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً﴾ والاستفهام للتقرير والتوبيخ، وفي الكلام حذف مضاف أي: مِنْ مَهالِك ظلمات أو من مخاوفها، والظلمات كناية عن الشدائد.
قوله: ﴿تَدْعُونَهُ﴾ في محل نصب على الحال: إمَّا من مفعول "ينجيكم" وهو الظاهر، أي: يُنجيكم داعين إياه، وإمَّا من فاعله أي: مَدْعُوَّاً مِنْ جتهكم.
قوله: ﴿تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً﴾ يجوز فيها وجهان، أحدهما: أنها مصدران في موضع الحال أي: تَدْعُونه متضرِّعين ومُخْفِين. والثان: أنها مصدران من معنى العامل لا من لفظه كقوله: قَعَدْتُ جلوساً. وقرأ الجمهور: ﴿خُفْية﴾ بضم الخاء. وقرأ أبو بكر بكسرها وهما لغتان كالعُدورة والعِدوة، والأُسروة والإسوة. وقرأ الأعمش: ﴿وخيفة﴾ كالتي في الأعراف وهي من الخوف، قُلِبَتْ الواو ياء لانكسار ما قبلها وسكونها، ويظهر على هذه القراءة أن يكون مفعولاً من أجله لولا ما يأباه "تضرُّعاً" من المعنى.
(٦/٢٥٧)
---