قوله: ﴿لَّئِنْ أَنجَانَا﴾ الظاهر أن هذه الجملة القسمية تفسير للدعاء قبلها، ويجوز أن تكون منصوبة المحلِّ على إضمار القول، ويكونه ذلك القول في محل نصب على الحال من فاعل "تَدْعُونه" أي: تدعونه قائلين ذلك، وقد عرفت ممَّا تقدَّم غيرَ مرة كيفيةَ اجتماع الشرط والقسم. وقرأ الكوفيون: "أَنْجانا" بلفظ الغيبة مراعاةً لقوله: ﴿تَدْعُونَهُ﴾ والباقون" "أَنْجَيْتنا" بالخطاب حكايةً لخطابهم في حالة الدعاء، وقد قرأ كلُّ بما رُسِم في مصحفه، فإنَّ في مصاحق الكوفة: "أنجانا"، وفي غيرها: "أَنْجَيْتنا".
قوله: ﴿مِنْ هَاذِهِ﴾ متعلِّقٌ بالفعل قبله، و"مِنْ" لابتداء الغاية، و"هذه" إشارةٌ إلى الظلمات؛ لأنها تجري مَجْرى المؤنثة الواحدة، وكذلك في "منها" تعود على الظلمات لما تقدم.
* ﴿ قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ ﴾
وقوله: ﴿وَمِن كُلِّ كَرْبٍ﴾: عطف على الضمير المجرور بإعادة حرف الجر وهو واجبٌ عند البصريين وقد تقدم.
* ﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ﴾
قوله: ﴿عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ﴾: يجوز أن يكون الظرف متعلقاً بـ "نبعث"، وأن يكون متعلقاً بمحذوف على أنه صفة لـ "عذاباً" أي: عذاباً كائناً من هاتين الجهيتن.
قوله: ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ﴾ عطف على "يَبْعَث" والجمهور على فتح الياء من "يَلْبسكم" وفيه وجهان، أحدهما: أنه بمعنى يخلطكم فِرَقاً مختلفين على أهواء شتى، كل فرقة مشايعة لإمام، ومعنى خَلْطهم إنشابُ القتال بينهم فيختلطوا في ملاحكم القتال كقول الحماسي:
١٩٤١- وكتيبة لَبَّسْتُها بكتيبةٍ *حتى إذا التبسَتْ نَفَضْتُ لها يدي
(٦/٢٥٨)
---


الصفحة التالية
Icon